نشرت مجلة أكاديمية أميركية مختصة بمراقبة المناخ، نتائج دراسة استهدفت التغيرات المناخية والبيئية الطارئة على الكرة الأرضية، وتأثيراتها المباشرة الآنية والمستقبلية.
وفيما تشهد بُلدان البحر المتوسط واحدا من أكثر فصول الصيف حرارة على مدى التاريخ، حيث تجاوزت درجات الحرارة في بعض الدول الأوربية 45 درجة مئوية، وتتناقل وسائل الإعلام تقارير يومية متعلقة بموجات استثنائية من الأمطار والفيضانات والسيول غير الطبيعية، في ألمانيا وبلجيكا والهند والصين، فإن مجلة Nature Climate Change صدمت المتابعين بشأن درجة حرارة الطقس العالمي خلال عام 2100، والتطورات التي ستطرأ على المناخ والبيئة الطبيعية منذ الآن وحتى ذلك الوقت.
وحذرت المجلة، الدول والمؤسسات الصناعية والأفراد من الاستمرار في السلوكيات غير المسؤولة التي ينتهجونها راهنا، التي ستكون ذات نتائج تدميرية على “مستقبل العالم”، حسب تعبيرها، وفي فترة أقصر من كل ما هو متوقع.
المجلة الأكاديمية الأميركية المختصة بمراقبة المناخ “Nature Climate Change” والتي تملك سلسة من مراصد التتبع والمراقبة في الكثير من أنحاء العالم، قالت في الدراسة التي أشرفت عليها العالم البيئي إيريك فيشر، إن مجمل الأحداث الاستثنائية التي صارت مختلف البيئات العالمية هي “استجابة طبيعية لارتفاع درجة الأرض، التي تتجاوز كل 10 سنوات، كل التوقعات التي كانت مرصودة لها من قبل”.
وذكر العالم الشهير الذي أعد الدراسة، بمساعدة أكثر من 20 خبيرا عالميا، أن الهامش بين كل عقد وآخر سيكبر خلال العقود المقبلة، وتاليا ستكون الأحوال الجوية الصادمة أضعاف ما تشهده الكرة الأرضية راهنا.
وحسب أفضل التوقعات، كما حددها العالم الأميركي، وفيما لو التزمت مختلف بلدان العالم بالتحذيرات التي يصدرها العلماء، بالذات في مجال الانبعاثات الكربونية والاهتمام بالبيئة الطبيعية وترشيد الاستخدام المفرط للموارد، فإن طقس العالم سيكون بعد 8 عقود من الآن، أي خلال العام 2100 أحر من الآن بثلاثة درجات مئوية على الأقل.
الدراسة التفصيلية التي اطلع عليها موقع “سكاي نيوز عربية”، أدرجت مجموعة ضخمة من النتائج التي قد يفزرها مثل هذا الرقم، الذي يبدو للوهلة الأولى صغيرا وعاديا ويمكن التعامل معه.
لكنه فعليا، سيساهم بذوبان نصف الثلوج التي تغطي القطبين الجنوبي والشمالي من الأرض، مما يعني ارتفاع مستويات البحر وغرق المزيد من المدن البحرية حول العالم.
كذلك سيدفع لأن تزداد نسب التصحر واقتلاع المساحات الخضراء من المناطق الجبلية واختفاء المزيد من الأجناس الزراعية والحيوانية من على كوكب الأرض، بالذات التي لا تستطيع مغادرة بيتها المحلية، مثل الأفيال والسنوريات والغزلان البرية.
الدراسة العملية المذكورة أضيفت لمجموعة من المعلومات والمعطيات الواضحة التي كانت نفس المجلة الأكاديمية قد أعلنتها قبل شهر واحد من الآن، وأشرف عليها كل من بيتر فون جاثين وريجل كيفي وإنغو وولتمان، التي قالت إن مساحات شاسعة من الكرة الأرضية، بالذات من المناطق والمدن الساحلية، ستختفي بسبب هذه التحولات المناخية.
كما ذكرت بما يمكن أن يكون عليه وضع الكرة الأرضية من هذه الناحية خلال عام 2100.
البحث العلمي الذي نشرته المجلة قال إن جميع مناطق الأرض التي لا يزيد ارتفاعها عن 2 متر من فوق متوسط مستوى سطح البحر ستكون بحكم الأرض الغارقة في البحر، وأن تلك المساحة تُقدر بحدود 650 ألف كيلومتر مربع، أي ضعف مساحة دولة ألمانيا، وأنها ستختفي من المساحة المسكونة من العالم في ذلك التاريخ.
الدراسة التفصيلية قالت إن سكان هذه المناطق يقدرون راهنا بحوالي 267 مليون نسمة، يسكن 72 بالمئة منهم في المناطق الإفريقية والآسيوية الأكثر فقرا على مستوى العالم.
وأضافت أن أخذ الزيادات السكانية بالحسبان إلى ذلك الوقت، سيعني أن التغيير المناخي سيتبب بتشرد 410 مليون نسمة من سكان تلك المناطق التي ستختفي خلال ذلك الوقت، مشيرة إلى أن مجمل الشريط الساحلي القريب من تلك المناطق، سيكون عرضة لفيضانات ساحلية مدمرة خلال ذلك التاريخ.
توقعات الدراستين قالت إن الكرة الأرضية ربما تشهد هدوءا مناخيا خلال الفترة الممتدة 2040-2060، جراء اتخاذ سياسات شديدة الحزم من الدول والهيئات الدولية، لكن ارتفاع درجات الحرارة خلال تلك الفترة سيستمر بوتيرة أقل مما هي عليه في أوقات سابقة، إلى أن تصل الأحوال إلى مستوى يكون فيه ارتفاع درجة الحرارة مسؤولا عن ظواهر هي بحد ذاتها ستساعد على مزيد من الارتفاع في درجات الحرارة، بالذات ظاهرتي التصحر والقضاء على البيئات الخضراء.