تخيل لو أنك تمتلك منزلا على سطح المريخ، وتريد أن تؤمن غذائك من محاصيل قريبة لبيتك، هل يمكن حينها أن تقوم بعملية الزراعة كما نقوم بها حاليا على كوكبنا منذ نشأة كل الحضارات والتجمعات البشرية؟
دراسة حديثة نُشرت بدورية “فرونتيرز” حاولت الإجابة على هذا السؤال المعقد، حيث أجرى باحثون من جامعة فاخينينجن، ومعهد الأبحاث النووية في جامعة دلفت للتكنولوجيا في هولندا، تجارب عملية لاستبيان إمكانية زراعة نباتات على الكوكب الأحمر.
نينك تاك، طالبة البكالوريوس بجامعة دلفت للتكنولوجيا، حاولت التحقق من تأثير أشعة غاما، كما تم تسجيلها بواسطة مسبار المريخ “كيريوستي” على نوعين من المحاصيل: حب الرشاد (أحد أنواع الجرجير)، والجاودار (شبيه بالقمح ويستخدم في صناعة الخبز).
وتقول تاك: “نظرا لأن الإشعاع على المريخ أعلى بكثير منه على الأرض (230 ميكروغرام/يوم، حوالي 17 مرة أعلى من الأرض)، فقد تم إجراء التجربة وفقا لاحتياطات السلامة الصارمة.
قبل إجراء التجربة رجح العلماء أن نسبة الإشعاع المرتفعة، قد تؤثر على نمو المحاصيل في البيوت الزجاجية على سطح المريخ، مما قد يجعل استقرار البشر أكثر تعقيدا.
محاكاة
وأجرى الباحثون التجربة بالمحاكاة لمستويات الإشعاع الموجودة على سطح المريخ، حيث تعرضت النباتات باستمرار لمدة 28 يوما لمجال إشعاع مماثل لمستوى نظيره الموجود على سطح المريخ، ثم تم حصادها بعد ذلك.
وبحسب الدراسة، تم استخدام أشعة جاما فقط، حيث يتكون الإشعاع الكوني على المريخ من أشعة ألفا وبيتا جاما والأشعة فوق البنفسجية، لذلك لا تزال هناك اختلافات، لكن الجرعة كانت تقريبًا مماثلة لتلك التي من المحتمل أن يتعرض لها النبات على المريخ.
وعلى الرغم من أن نسب الإنبات لم تتأثر بالإشعاع، إلا أن هناك تأثير سلبي كبير ظهر على نمو نوعي المحاصيل، إذ انخفض بشكل ملحوظ نمو الكتلة الحيوية بنسبة 32 بالمئة في نبات “حب الرشاد”، و48 بالمئة لنبات الجاودار خلال الأسابيع الأربعة الأولى بعد الإنبات.
حلول مقترحة
بعد رصد التأثيرات السلبية التي تعرضت لها النباتات، استطاع الفريق البحثي التوصل إلى أحد خيارات حماية النباتات من الأشعة الكونية الضارة، من خلال استخدام ضوء النهار الطبيعي مع إضافة مصابيح LED.
تقول نينك تاك: “الآن بعد أن أصبح بمقدورنا توقع تأثيرات سلبية على نمو النبات بسبب الإشعاع على المريخ، يتوجب علينا حماية النباتات، حيث يتمثل أحد الخيارات لدينا في زراعة النباتات تحت الأرض، داخل قبة؛ حيث لا يستطيع معظم الإشعاع اختراقها، ما يمكن الاستفادة منه أيضًا في حماية البشر أيضًا”.
وتتابع: “تعد الزراعة تحت الأرض على الكوكب الأحمر بمثابة تحدٍ أكبر من زراعة النباتات في البيوت الزجاجية على السطح، ولكنه أيضًا يجعل الحياة أسهل حيث يمكننا زراعة النباتات في ظل ظروف خاضعة للسيطرة الكاملة، باستخدام ضوء LED.
وتوضح تاك: “كان هذا هو السبب في أننا بدأنا التجارب الأولى الآن في مخبأ للحرب الباردة في أرنهيم بالقرب من فاخينينجن، تحت الأرض ولكن في محيط محكم بالكامل”.