نظم منتدى وزارة الاوقاف للحوار الفكري ندوة بعنوان “المعرفة الإسلامية وأثرها في الوئام والتعايش بين الأديان بمشاركة نائب رئيس كلية أصول الدين بجامعة العلوم الإسلامية العالمية الدكتور عامر الملاحمة والدكتور علي القضاة إمام وخطيب مسجد الفردوس بدابوق.
وقال الدكتور الملاحمة خلال الندوة التي عقدت بالمركز الثقافي الإسلامي التابع لمسجد الشهيد الملك المؤسس وأدارها الدكتور محمد العايدي، إن المعرفة الإسلامية تؤدي إلى تراكم المعارف لغايات تأسيس اليقين في عالم الغيب والشهادة بعيدا عن الأوهام والخرافات والشكوى والظنون، لذا نجد القرآن الكريم قد اسس للمعرفة بقوله تعالى “يعرفونه كما يعرفون أبناءهم” فالمعرفة وصلت بالقطع إلى درجة اليقين كون مقدماتها يقينية؛ فالنتائج يقينية بطبيعة الحال.
وأضاف، ان اهمية المعرفة تتجلى في ثلاثة أمور، الأول انتهاء عصر الحضارات المحلية الموقوتة المتتابعة، وبدء عصر الحضارة العالمية الواحدة المستمرة، والثاني عجز المسلم عن قراءة حركة التاريخ في الماضي والحاضر والمستقبل، وعجزه عن تنمية قدراته العقلية والعملية؛ لتحديد علاقته بماضيه وتراثه، وتحليل حاضره وتجديده، وتحليل مستقبله، وبلورة رسالته وتنمية قدراته التي تؤهله لحمل الرسالة، فيما الأمر الثالث يتلخص بكونه الانشقاق بين ميادين المعرفة وأدواتها في الحضارة الحديثة، وانتقاد العلماء الغربيين لمنهج المعرفة المعاصر.
وأشار الى ان من الأمور التي تشير إلى دخول الإنسان عصر حضارة عالمية مستمرة، هذا الاضطراب والفوضى في مجتمعات الأرض قاطبة، وهو تعبير عن الإحساس والتمزق بين طور انتهت فاعليته وبدت معالمه، وتشتد فيه الحاجة إلى تجديد انتماء الناس وتجديد الهوية للأفراد والعلاقات بين الشعوب والأمم، وهذا يعني أن العبور إلى نعيم الحضارة الإنسانية الجديدة هو للذين يحسنون بلورة نظرية تربوية لها فلسفتها ونظريتها في المعرفة وفي التطبيق تحت شعار: “إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون”.
كما أشار إلى إن اغتراب المسلم عن الإحساس بماضية وحاضره ومستقبله أدى إلى فقدان التوازن في نفسه، بين دور الوحي والعقل والحواس؛ ولذلك فقد نظرية المعرفة التي يحتاجها لقراءة هذه الأزمنة الثلاثة؛ لتحديد علاقته بتراث الماضي، وعلاقته بالحاضر لتجديد الأمة المسلمة، وتأهيلها لقراءة المستقبل وبلورة الرسالة التي يحملها.
من جهته قال الدكتور علي القضاة، انه لا ريب أن الوحي والعقل والحواس كانت تتكامل في عملية المعرفة، فأكسبته رسوخا وإحاطة في العلوم والمعارف، والرسوخ معناه معرفة البعد الزمني أو التاريخي لموضوع المعرفة، أما الإحاطة فهو معرفة البعد الجغرافي أو المكان، وهذه عملية لا تفلح إلا في ظلال القرآن الكريم؛ لأن الرسوخ في المطلق والإحاطة المطلقة لا يكون إلا في الله تعالى، وهذا ما فهمه العلماء الذين كانوا يسمون القراء في عهد الرسول وعهود الخلفاء الراشدين وتابعيهم، وكانوا يعتبرون المعرفة في التربية الإسلامية جزءا رئيسا من فلسفة التربية الإسلامية، التي تنبثق منها جميع مكونات العمل التربوي إلى جانب مكوناتها الأربع، وهي: نظرية الوجود، ونظرية المعرفة، ونظرية القيم، وطبيعة الإنسان وعلاقاته بالمنشأ والحياة والمصير.
وأضاف، إن التواصل بين الناس مقصده “لتعارفوا”، ولعل الأثر الحضاري للمعرفة ينبع من سلوك الشخص ومن خلال المشترك الإنساني “يا أيها الناس”، مضيفا، إن مصادر المعرفة هي الوحي والعقل واللغة وأن النقل سقف للعقل بالنظر إلى التشريع الكامل للكون، وأن العقل يبين ويفسر فهو أداة للفهم.
–(بترا)