الخميس: 1/12/2022 – يعمد العديد من الأفراد لعمل “جردة حساب” بهذه الأوقات مع اقتراب حلول العام الجديد، فهناك من يقسو على نفسه وربما “يطبطب عليها” أحيانا أخرى، لكن الأهم هو تجديد الأمل ببدايات، ربما تكون أفضل حالا بما تحمله.
تلك الحسابات الفردية قد تغزو الذاكرة في استذكار لكل ما حدث خلال العام، من ذكريات الفرح والنجاح وتحقيق الطموح، وربما غصات في القلب ودموع وإحساس بالفشل، ومحاسبة النفس لهفوات وأخطاء حدثت وأثرت على مجرى الحياة.
الحسابات الشخصية ومراجعة أحداث العام الماضي يتبعها التفكير بكل ما حدث، فهناك أشخاص يفقدون الأمل وكأنهم يقفلون الباب على كل ما هو قادم، والبعض الآخر يمنحون أنفسهم فرصا أخرى بخطط جديدة لعلهم يجنون ثمارها.
“لا يمكن أن يكون الاقتراب من نهاية العام الماضي شيئا عاديا في حياتي، فأنا أفكر بكل ما حدث معي من أفراح وأحزان وهفوات ومحطات فشل، وأراجع نفسي في كل حدث”، كما تقول تبارك علي، والأهم، كما ترى، هو إصرارها على محاولة التغيير ببعض القرارات بحثا عن نتائج أفضل.
سنوات العمر وما يحدث فيها تقع تحت مجهر التفكير، ومراجعة الذات وأفعال الآخرين والقدرة على مسامحتهم مع بدايات جديدة، هو ما تطمح لتحقيقه.
وتشرح “أسعى للتخلص من الصفات السلبية؛ كالغضب المستمر أو التفكير السلبي، ووضع أهداف والسعي نحو تحقيقها.
وفي المقابل، يتحدث سالم عبد الهادي عن تجربته خلال السنوات الماضية؛ حيث يضع عادة خططا جديدة لكنها تفشل دائما لظروف كثيرة ومختلفة، ما جعله يترك الأيام والمواقف تسير وتحدد كل شيء من دون أن يخطط لشيء ويسعى خلفه.
ويبين أنه كان دائما حريصا على التخطيط لأمور عدة في نهاية كل عام، منها عزمه على اتباع حياة صحية، ومحاولة تخفيف الوزن الذي بات يسبب له مشاكل صحية عديدة، لكنه ما إن يبدأ في أي خطة ويتحمس لها سرعان ما يتراجع عنها ويعود للنمط ذاته، وهو ما يزعجه بأنه لا يثبت أبدا على شيء، ويصبح وضعه أسوأ من السابق.
ليس ذلك فقط، بل إنه كلما يضع أهدافا جديدة، سواء على مستوى العمل أو العلاقات ويسعى لتحقيقها، يعود للطريقة ذاتها من دون فائدة تذكر في المحاولة، لأنه أصبح على يقين بأن محاولاته ستبوء بالفشل.
اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة، يبين أن كثيرين، وفي هذا الوقت من العام، يبدأون بالتفكر في أحداث مرت خلال العام الماضي، في محاولة ترتيب المشاعر والأحداث واتخاذ بعض القرارات لبداية عام جديد، على أمل تغيير السلبيات التي حدثت فيما سبق.
لكن في المقابل، وجد البعض أن ترتيب الأهداف وإعادة الحسابات لا يغيران بالأمر شيئا، فالحياة تسير بالنسق ذاته وأحيانا، بحسب البعض، كل عام يكون الحال من سيئ إلى أسوأ، وكثيرا ما تسمع هذه الجملة.
لكن حسب مطارنة، هنالك ضرورة بأن يبقى الإنسان متفائلا ومحافظا على طاقته الإيجابية وآماله بأن القادم أجمل، وأن التفكر بالأحداث والقرارات هو خطوة يجب أن تحصل بشكل دوري، لمراجعتها، لا أن تترك لنهاية العام.
وعن تسامح الأفراد فيما بينهم، يتحدث مطارنة عن أهمية ذلك في المجتمعات، فمن يتخذ هذا الإجراء قادر عليه، فهو بحد ذاته يساعد على إصلاح الذات ورسم صورة إنسانية تدرس للكثيرين.
لكن مطارنة يقول أيضا “بالمقابل لا يجب على الفرد أن يظهر التسامح فقط من باب التسامح من دون إظهار الخطأ الذي حدث، والسبب في ذلك أن البعض يعتقد أن التسامح حالة ضعف، وهو على العكس تماما، فالتسامح هو القوة”.
ومن وجهة نظر اختصاصي علم الاجتماع د. حسين خزاعي، فإن التخطيط لنهايات العام يساعد على تصفية الذهن والضمير، وذلك مع مراجعات الأحداث والمواقف بحلوها ومرها، وفرصة جيدة للعلاقات بين الأفراد ووضع خطط للعمل والحياة الشخصية والعلاقات الاجتماعية واتخاذ قرارات قابلة للتحقق للعام المقبل.
ويشرح بأن القرارات يمكن أن تكون قابلة للتحقق وفي أحيان كثيرة غير قابلة لذلك، لكن هذا لا يعني أن يشعر الإنسان بأحاسيس سلبية أو أن تتأثر طاقته السلبية وتنسف قرارات وأحلاما أخرى يمكن أن تتحقق، ومن المهم الابتعاد عن مقولة “هذه السنة مثل الي قبلها لا شيء يتغير”.