الاربعاء: ٧/١٢/٢٠٢٢ – قالت سمو الأميرة دانا فراس رئيس إيكوموس – الأردن وسفيرة اليونسكو للنوايا الحسنة للتراث الثقافي أن التراث بكافة عناصره ومكوناته هو مجموعة من القيم الإنسانية التي تكون الهوية المرتبطة بالانتماء وشعور الفرد بجذوره وأصوله المرتبطة بوطنه.
وأضافت أن للتراث ارتباط مباشر بالنمو والتشغيل وتحقيق التنمية المستدامة، والتشجيع على الابتكار والإبداع وبث الأمل والإيجابية والتضامن وإدخال عناصر الأمل والإلهام بحياتنا اليومية، الأمر الذي يوجب علينا الاهتمام بالآثار وتوثيقها والحفاظ عليها وبناء السياسات والانظمة اللازمة لتحقيق ذلك بشكل مدروس.
جاء ذلك خلال الجلسة الحوارية التي نظمتها مكتبة الحسين بن طلال في جامعة اليرموك ومكتب ايكوموس الأردن لمناقشة كتاب “فريدة ومتميزة: مواقع التراث العالمي في الأردن” لسمو الأميرة، بحضور ورئيس الجامعة الدكتور إسلام مسّاد.
وقالت سموها أن العالم يولي التراث ومختلف القضايا المتعلقة بالإرث الإنساني وكيفية المحافظة عليه وتوثيقه اهتماما بالغا، الأمر الذي يوجب علينا في الأردن العمل يدا بيد خبراء وأكاديميين ومتخصصين من أجل صياغة تاريخنا وقصة المكان الخاصة بالأردن، والسعي لتوثيق كافة المواقع الأثرية التي يزخر بها الأردن ضمن قائمة التراث العالمي.
وشكرت سمو الأميرة جامعة اليرموك ممثلة بمكتبة الحسين بن طلال على عقدها لهذه الجلسة الحوارية بما يتيح المجال لطلبة الجامعة الاطلاع على ما يتضمنه الكتاب من معلومات تستعرض المواقع التراثية في الاردن، ودورهم في دراسة وفهم أهمية المواقع التراثية في الأردن باعتبارها إرثا حضاريا هاما في المنطقة.
واستعرضت سموها رحلة كتابة وتأليف كتاب “فريدة ومتميزة: مواقع التراث العالمي في الأردن”، وحرصها على توثيق التراث من خلال التصوير وتقديم المعلومات حول المواقع الأثرية بصورة دقيقة وباللغتين العربية والانجليزية بما يشكل حافزا لقراء الكتاب من مختلف الدول لزيارة هذه المواقع على أرض الواقع.
وألقى رئيس الجامعة الدكتور إسلام مساد كلمة قال فيها إن عقد هذه الجلسة الحوارية تأتي لتكمل الجهود الكبيرة التي تبذلها كل من كليتي الآثار والأنثروبولوجيا والسياحة، في التنقيب الأثري، والبحث والنشر العلميين، وفي عقد الندوات والمحاضرات في مجالات الآثار والأنثروبولوجيا المحافظة على التراث الحضاري.
وأثنى مسّاد على مبادرة سمو الأميرة دانا، في نقل الاهتمام بالمنشورات العلمية الجديدة إلى الجامعات خارج العاصمة، وإلى فتح آفاق الحوار في موضوعات التراث الحضاري الأردني والحفاظ عليه مع أعضاء هيئة التدريس والطلبة فيها، وبذل الجهود في تعريفهم بالمؤسسات الدولية المشتغلة في هذا المجال، وفي مقدمتها المجلس العالمي للمعالم والمواقع، إيكوموس.
من جانبها ألقت منسق ومدير مشاريع ايكوموس – الأردن المهندسة لينا أبو سليم كلمة استعرضت خلالها نشأة منظمة ايكوموس الدولية وهي منظمة عالمية غير حكومية تأسست عام 1965 ومقرها باريس، وتهدف إلى حماية مواقع التراث الثقافي والمحافظة عليها، وتكرس جهودها لتعزيز تطبيق النظرية والمنهجية والتقنيات العلمية للحفاظ على التراث المعماري والأثري، مشيرة إلى أن اللجنة الوطنيّة الأردنيّة (إيكوموس – الأردن) تأسست عام 2018 والتي تتمثل رؤيتها بدعم وترويج الحفاظ على التراث الثقافي الوطني الأردني عن طريق برامج التوعية ورفع قدرات الكوادر المتخصصة، والتنسيق والاستشارات، ودعم البحث العلمي في مجالات الحماية والحفاظ وإدارة واستمرارية التراث الثقافي.
الدكتور عمر الغول مدير مكتب الحسين بن طلال في الجامعة أكد أهمية عقد هذه الجلسة للحوار والنقاش حول الكتاب وخاصة مع مؤلفته بما يطلع الطلبة على قصة اصدار الكتاب وأهميته سيما وأن الكتاب يعد من الكتب المتميزة ويحوي معلومات هامة حول مختلف المواقع الأثرية في الأردن ويركز في صفحاته على أهمية تعريف السكان المحليين بأن مساهمتهم ومشاركتهم مهمة في عملية إدراج المواقع التراثية ضمن قائمة التراث العالمي، وما يشكله ذلك من أهمية تراثية كبرى لوطننا الأردن.
وأشار إلى أن مكتبة الحسين بن طلال ومن خلال هذه الجلسة ارتأت أن تقوم بدورها بالاحتفاء بصدور هذا الكتاب المتميز والذي يعنى بموضوع قريب جدا من هويتنا واقتصادنا الوطني، سيما وأن الكتاب يعد وعاءً معرفيا هاما على المستوى الوطني والدولي لتسليطه الضوء على التنوع الغني لمواقع التراث الثقافي ذات القيمة الاستثنائية العالمية في الأردن بما في ذلك من المواقع التي تم إدراجها بنجاح في قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو والمواقع التي سيتم إدراجها في المستقبل.
وأكدت سعي ايكوموس-الأردن إلى تعزيز ورفع مستوى الحوار في مجالات الحفاظ على التراث إلى مستويات نقدية معتمدة على آخر ما توصلت له الدراسات والمواثيق العالمية، وتهدف إلى تسليط الضوء على أهمية تراثنا الثقافي الوطني واستمراريته عن طريق: الترويج للحفاظ على التراث الثقافي من خلال عقد الاجتماعات وورش العمل، ورفع قدرات الكوادر من خلال عقد برامج تدريبية من قبل مختصين محليين وعالميين، والمساهمة في البحث العلمي في مواضيع التراث الثقافي، وتوفير الخبرات المختصة في مجالات الحفاظ على التراث و إدارته، وتعزيز دور ايكوموس-الأردن كجهة استشارية للمؤسسات الوطنية المتخصصة بالحفاظ على التراث الثقافي، وإنشاء قاعدة بيانات مختصة بالمواقع التراثية، والبحث العلمي، والخبراء، وتنظيم الفعاليات والأنشطة المتعلقة برفع الوعي واستمرارية التراث الثقافي الوطني.
وتحدث خلال الجلسة الحوارية التي أدارها الدكتور عمر الغول، الدكتور زيدان كفافي رئيس الجامعة الأسبق، وقال إن الدارس لمستودعات الحضارة المتمثلة بالمواقع الأثرية من خلال مخزونها للمخلفات الأثرية والكتابات القديمة، ليستطيع أن يراقب كيفية ومدى التطور الحضاري الإنساني عبر العصور لأي منطقة من المناطق.
ويرى كفافي أنه يجب ألا ننظر إلى التراث في الأردن على أنه منفصل عما حوله، وإنما متصل مع القريب والبعيد، وعليه أصبح من الواجب تقديم المعرفة به وبشكل خاص لكل الناس وخصوصا في ذات الامتداد الجغرافي مع الأردن.
ولفت إلى أن كتاب سمو الأميرة دانا فراس، يضم بين دفتيه معلومات وخرائط وصور لعشرين موقعا أثريا أردنيا مرتبة في قائمة تبدأ بأول موقع سجل على لائحة التراث العالمي عام 1985 وهو البترا، وانتهاء بموقع مرشح للقائمة التمهيدية منذ عام 2019 وهو الحرة البازلتية، مبينا أن ما يبعث على السرور في هذا الكتاب أن القارئ يجد فيه قصة عربية أو إسلامية تقدمها سموها للقارئ بكل يسر وسهولة، وبلغة تصل إلى الناس على من اختلاف مستوياتهم الثقافية، بخلاف الكتب والمؤلفات المختلفة حول تاريخ وآثار الأردن، التي كانت تخاطب فئة المختصين من الناس فقط، كما لم تقدم معلومات موجزة ومبسطة كما يقدمها هذا الكتاب لكل من يقرأ العربية والانجليزية.
من جانبها استعرضت عميدة كلية الآثار والأنثروبولوجيا في جامعة اليرموك الدكتورة لمياء خوري، دور الجامعة من خلال الكلية في زيادة وعي المجتمع بأهمية تراثه الحضاري، وتشجيع مشاركته في عملية تقدير هذا التراث والمحافظة عليه.
وأضافت أن الكلية تأسست عام 1984 كمعهد أكاديمي وبحثي مختص في مجالات الآثار والأنثروبولوجيا والنقوش، تحول بعدها إلى كلية تمنح درجتي البكالوريوس والماجستير في تخصصات الآثار والأنثروبولوجيا وصيانة المصادر التراثية وإدارتها، ودرجة الماجستير في تخصص النقوش والكتابات القديمة.
وأشارت خوري إلى أن الكلية تعد مركزا يعنى بإبراز أهمية الحفاظ على التراث بشقيه غير المادي والمادي، بما فيه التراث المعماري والمواقع الأثرية، سواء تلك الموجودة على قائمة مواقع التراث العالمي أو غير الموجودة بعد، مبينة أن هذا يعتبر من أهم أهداف الكلية وبرامجها الأكاديمية ومشاريعها الميدانية والبحثية وأنشطتها المجتمعية.
وعبرت خوري عن شكرها لسمو الأميرة دانا فراس، على جهدها المبارك في إعداد هذا الكتاب القيم عن مواقع التراث العالمي في الأردن، لما له من أهمية في التعريف بهذا التراث الثقافي والطبيعي وإبراز أهميته وقيمته التاريخية والعلمية والاجتماعية والجمالية والطبيعية، وإيصالها إلى المجتمع الوطني الأردني والعالم.
بدوره أشاد الدكتور عبدالله الشرمان من كلية الآثار والانثروبولوجيا باللغتين العربية والإنجليزية التي تمت صياغة فصول الكتاب بهما بحيث تخاطب كافة فئات المجتمع وكافة الفئات العمرية، وناقش الفصل المتعلق بموقع قويلبة الأثري، وتحدث عن الموقع وأهميته التراثية والحضارية، مشيرا إلى أهمية تقديم قصة المكان والموقع الأثري عند الحديث عنه بما يربط سكان المنطقة بالموقع ويحفز لديهم مسؤوليتهم تجاه المحافظة على الموقع وحمايته، مثمنا جهود سمو الأميرة في تسليط الضوء على مختلف المواقع الأثرية الأردنية والدعوة للعمل من أجل توثيق الهوية الحضارية للأردن.