منوعات

المراهق بشخصية واثقة بالنفس.. كيف يعززها الأهل؟

الاربعاء: ١/٢/٢٠٢٣ – لاحظت والدة لمار (14 عاما)، أن ابنة صديقتها، تتمتع بشخصية قوية وحديث متقن أمام الآخرين، والابنتان متقاربتان بالعمر، كما لدى الأخيرة مهارات عديدة توظفها بالشكل الصحيح.
لم تتوان والدة لمار من أن تسأل عن ماهية الطرق التي تساعدها على أن تكون شخصية ابنتها مشابهة أو قريبة لشخصية ابنة صديقتها، متمكنة وواثقة من نفسها.
تمحورت إجابة الصديقة، بأن السر يكمن في الثقة بالنفس، وهذه الثقة لا تأتي فقط من باب الاعتداد بالنفس، بل من خلال التفكير وتطوير المهارات، وفهم الشخص لذاته ومشاعره حتى يدرك ما يريده وما لا يريده.
خبراء يؤكدون أن هناك صفات من المهم تطويرها ليكون الفرد قادرا على تطوير شخصيته القوية والحقيقية، كما تلعب التنشئة الاجتماعية دورا كبيرا في ذلك عبر زرع الأهل للثقة بالنفس في نفوس الأبناء.
الاستشاري التربوي د.محمد أبو السعود، يبين أن قوة الشخصية لا تأتي بشكل تلقائي، بل من خلال صفات يمكن تعزيزها منذ الطفولة، ويكون الأهل حجر أساس فيها، ويمكن أن يصقلها الفرد عند الكبر، مثل التحكم بالانفعال والتسرع، وكيف يكون صادقا مع ذاته ومع نفسه، ويتخطى الضعف ويقوي نفسه.
ويبين أبو السعود، أهمية ضبط النفس والسيطرة على ردود الفعل في جميع الظروف، خاصة عندما يشعر الشخص بالعصبية والغضب، فيتمكن من إدارة هذا الغضب ويعبر عن آرائه ومطالبه ورغباته الفردية واحتياجاته بشكل لائق ومهذب، مع وجوب احترام الأشخاص المحيطين به.
ويؤكد أن على الفرد أن يتعامل في بعض المواقف بشكل حازم، ولا يعني الشخص صاحب القوة والحزم بأنه ليس ليّنا، وليس متسامحا، أو متعاطفا مع الآخرين، لكن الفرد قوي الشخصية يجب أن يكون لديه رجاحة عقل ووعي بما يدور حوله، ليكون قادرا على التغيير بشكل إيجابي في محيطه، وألا يؤثر سلبا فقط من باب قوة شخصيته وعنجهيته.
تعود والدة لمار لتؤكد أن ابنتها أحيانا تشعر بالخوف والارتباك من الوقوف والتحدث بما تريده حتى لو كان ذلك أمام والديها “وهما أقرب الناس لنفسها”، أو معلمتها في المدرسة وحتى زملائها، لذلك تبحث دائما عن اكتساب صفات تساعدها على تقوية شخصيتها، وتقلل من رهاب اجتماعي تشعر به أحيانا. ووفق أبو السعود، فإن الخوف كغيره من المشاعر الطبيعية التي تعتري الفرد، وعادة ما تكون تحت تأثير ظرف معين كمواجهة أو موقف معين وهو أمر طبيعي، لكن يحتاج هذا الأمر لخبرات وتدريب لتطوير شخصيته.
وعلى الأهالي الدور الكبير من خلال التشجيع والتخفيز والدعم بمختلف المواقف، مع ضرورة الاقتناع بأن الخوف أمر طبيعي ويمكن التخلص منه، ثم اتباع عادة تدوين الأمور التي يخاف منها الشخص في حياته للسعي بالتخلص منها واحدة تلو الأخرى.
وينوه أبو السعود، إلى أن أهم شيء عند وقوع خطأ ما أن يجد هذا الطفل أو الفرد من يقف بجانبه، فالخطأ شيء طبيعي ويمكن أن يحدث مع الجميع إن كان صاحب شخصية قوية أو لا، والتصرف الصحيح هو ما يدل على أن هذا الشخص صاحب شخصية قوية كأن يعترف بخطئه.
اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة، يرى أن الفرد يمكن أن يكون صاحب شخصية قوية، لكنه يخاف من الخطأ أو من الوقوع بأي مشكلة، فيفضل أن يبقى صامتا لا يعبر عن ذاته وعن مشاعره أو حتى يخاف من الفشل فلا يظهر ذاته، لذلك على الفرد أن يتحلى بالإيجابية والشجاعة ليبدأ بتغيير ذاته وثقته بنفسه ويظهر ما عنده.
ويفرق بأن قوة الشخصية لا تعني الهيمنة أو العنجهية، والغرور كما يظن البعض، بل الاستفادة منها في دعم ومساعدة الآخرين، عبر الاستعانة بالمزايا الإيجابية، إضافة لاحترام وتقدير الآخرين.
ويوضح مطارنة أن الشخص الواثق من ذاته يمكن التفرقة بينه وبين غير الواثق، وذلك من خلال معرفة الطرف الأول بذاته، وأنه يعرف حتى نقاط ضعفه ومتصالح بها.
وينصح مطارنة الفرد بأن يعمل على تطوير ذاته، وألا يقول إنها صفات موجودة ومتوارثة، بل هي صفات مكتسبة يمكن التحلي بها ويمكن العمل عليها وتدريب النفس، وتبدأ تنمو منذ الطفولة وبمساعدة الأهل عبر زيادة الثقة بأطفالهم والاستماع لهم، ما يعني أنه يمكن تصحيح الاعتقادات والسيطرة على المشاعر والدوافع.
ويختم مطارنة بأن أصحاب الشخصية القوية يتسمون بالقدرة العاطفية والعقلية التي تدعمهم وتساعدهم على التحكم في ضغوطات الحياة اليومية بشكل فعال، وقوة الشخصية بمثابة قبضة حديدية تلهم صاحبها على التكيف في الوقت المناسب والسيطرة على ردوده في أصعب الظروف.