بركات الزِّيود- على مدار ستة أشهر ومن عدَّة مدن أردنية، نسَّقت 10 فتيات أردنيات يتمتعن بموهبة رسم الكاريكاتير، والفن التشكيلي، والرسوم المتحركة جهودهن؛ لجمع لوحاتهن في معرض واحد، ينشر رسوماتهن التي تروي كلُّ واحدة منها قصة متكاملة عن المرأة والطفولة وفلسطين.
الفتيات العشر تجمعن من محافظات عجلون والزَّرقاء وعمَّان وإربد، وواحدة مغتربة في روسيا، استطعن عقد ورشات عمل على مدار الأشهر الماضية عقَّدتها ظروف كورونا، ليتمَّ الوصول في النِّهاية إلى معرض خاص بهن يحمل عنوان “هي الفن”، ويجتمعن تحت سقف واحد في مساحة “فن وشاي” الثَّقافية بمنطقة اللويبدة في العاصمة عمَّان يعرضن لوحاتهن لكل المهتمين.
وروت الرَّسامة غادة الجَرمي والتي تسكن مدينة الزَّرقاء لوكالة الانباء الأردنية (بترا)، قصتها مع الفن وتبني موهبتها وعرض ما استطاعت رسمه الذي يعبر عن معاناة المرأة في المجتمع، وتقول إنَّها خريجة فنون بصرية من الجامعة الأردنية، وترسم منذ فترة طويلة لكن لا فرص كثيرة لعرض ما تتوصل اليه من رسومات.
وأضافت أنَّ اجتماعهن بهذه الطَّريقة له خصوصية كبيرة حيث إنَّ كل المشاركات من النساء الشابات، وتم انتاج لوحات تُعبر عما تواجه المرأة والطفل بالمجتمع، مؤكدة أنَّ كل ذلك ما كان ليكون لولا الجهود التي تمَّ بذلها من قبل الفتيات زميلاتها حيث إنَّها تشعر بالسَّعادة ودافعية كبيرة لمواصلة الرَّسم، وتمَّ عقد ورشات على مدار الشُّهور السَّابقة للوصول إلى هذه اللوحات.
وأشارت إلى أنَّها تجربة غنية تعرفت بها على مؤسسات تدعم الفنانين والمواهب.
والجرمي فنانة تشكيلية ترسم بشكل كلاسيكي، رسمت ثلاث لوحات في كل منها صورة للمرأة تعاني من كسر في جزء من جسمها دون ان يظهرعلى وجهها. وبينت الفنانة سارة الغرابية أنَّها من منطقة الهاشمية في محافظة عجلون وتدرس تخصص العلاقات العامة في جامعة اليرموك، وتهوى الرَّسم منذ صغرها، لكنَّها لم تستطع الحصول على أيَّة فرصة لتنمية مواهبها وكانت تواجهها مشكلة الحصول على أدوات الرَّسم والتي تضطر للذَّهاب إلى مدينة إربد او عمَّان للحصول عليها.
ولفتت إلى أنَّها شاهدت إعلانًا عن فرصة التجمع للرَّسم وتنظيم هذا المعرض مع زميلاتها على إحدى وسائل التَّواصل الاجتماعي وقدَّمت رسوماتها والتي استطاعت بها الوصول إلى هذا المعرض الذي منحها كثيرا من الامل.
وأشارت إلى لوحتين لها معلقتين على جدار المعرض تجسدان ظاهرة عمالة الاطفال والتي كانت دائما تشعرها بالحزن عندما تشاهد أطفلا يعملون في سن مبكرة، غادروا مدارسهم ويعملون في الأسواق.
من جانبها، قالت الرَّسامة أميرة الشَّريف والقادمة من منطقة السخنة في لواء الهاشمية بمحافظة الزَّرقاء إنَّها ترسم منذ سن 14 عامًا وتدرس تخصص التَّصميم الغرافيكي بسنتها الثَّالثة في جامعة فيلادلفيا، وشجعتها عائلتها وصديقة لها للمشاركة وارسال لوحاتها التي تستحق المشاركة.
وأضافت أنَّها شاركت بلوحة بعنوان بائعة الكبريت وهي تجسد عمالة الأطفال كذلك، وكيف تدخل الفتيات إلى سوق العمل وهن في أعمار صغيرة جدًا بأجنحة مكسرة تستمر معها سنوات طويلة وقد تتعرض فيها لأبشع أنواع الاستغلال.
وأشارت الفنانة روان حمَّاد من عمَّان بأنَّها متخصصة بالتَّصميم الغرافيكي “الرسوم المتحركة ” من جامعة البترا، وتعرض أعمالها على وسائل التَّواصل الاجتماعي، موضحة أنَّ فكرة المشاركة مع نساء في رسوم كاريكاتير وفن تشكيلي وكلاسيكي منحها فرصة كبيرة لمزيد من الخبرات والانفتاح والتعرف على كثير من الشركاء المساعدين لتبني هذه المواهب، وهذه اول تجربة بهذا الشكل.
وتمنت أن تتبعها خطوات أكبر تُسهم بتمكينها بعد أن بدأت بتأسيس شركة خاصة بها في هذا المجال.
بدورها، بينت الفنانة هديل خضر طالبة الرَّسم والتَّصوير بكلية الفنون في الجامعة الأردنية من عمَّان إنَّ لوحاتها جاءت لتصوير المرأة انكسارها ونجاحها كذلك، لافتة إلى أنَّها وجدت الدَّعم من أسرتها بشكل دائم، واتاح لها المعرض التعرف على فنانات جُدد وخبرات كبيرة، وكيفية تسويق ما يتم رسمه.
من جهته، قال صاحب فكرة جمع نساء مبدعات في رسم الكاريكاتير والفن التشكيلي في معرض خاص بهن رسَّام الكاريكاتير الفنان عمر عدنان العبداللات لـ (بترا)، إنّ الفكرة عمرها 6 أشهر وجاءت لأنَّ المجتمع يبرز الفنانين من الرجال أكثر فقد تمَّ الاتجاه إلى المواهب الخاصة بالفتيات في سن مبكرة لتبني مواهبهن وتشجعيهن بشكل كبير.
وأضاف إنَّ الفكرة تُنهي العمل الفردي الذي يُفكر فيه الأغلب الأعم في أعمالهم ويعزز فكرة العمل الجماعي، والذي يتيح اللقاء مع الفنانين أصحاب الخبرة أيضا ويُسهم بتجسيد قضايا المجتمع، مبينا انه تمَّ اختيار المشاركات على أساس الاحتراف الفني، ومن خلفيات مختلفة وخبرات عديدة ومن محافظات المملكة، ومن بينهن ما زلن على مقاعد الدراسة.
وقال إنَّه تمَّ اعتماد 20 لوحة تضم فن الكاريكاتير والفن التشكيلي والرسوم المتحركة اجتمعن في مكان واحد وتحت سقف يُظل عملا نسائيا محترفًا بين تجسيد معاناة الاهل في فلسطين والمرأة وعمالة الأطفال وغيرها. وأكدت ليان اونيس من مؤسسة كونراد أديناور الألمانية الدَّاعمة للمعرض انَّ أغلب من يظهرون في مثل هذه الفنون هم من الرجال وجاءت هذه الفكرة بالتَّعاون مع الشركاء المحليين في الأردن لإظهار مواهب النساء وهو جزء من تمكين المرأة وشد أزرها في هذه الفنون حيث تمَّ تقديم رسومات متميزة جدًا ومبدعة. ولفتت الى وجود إقبال على المعرض، الذي سيستمر عشرة أيَّام، اضافة الى الاقبال على شراء اللوحات، ما يدلل على أنَّها فكرة رائدة تستحق الدَّعم والاهتمام.
ولفتت صاحبة مقهى فن وشاي ليندا الخوري التي تستضيف النساء ولوحاتهن إلى أنَّها فكرة رائدة وجميلة وجاءت بعد انقطاع طويل فرضته جائحة كورونا، مبينة انها قدَّمت هذه المساحة بشكل مجاني دعما منها للمشاركات.
وبينت أنَّها بدأت بفكرة المقهى الثَّقافي منذ أكثر من 9 سنوات لكسر الحاجز الذي يكون بين النَّاس والثَّقافة، ونجحت كثيرا لكن جائحة كورونا أوقفت التفاعل المباشر، وهذا أول لقاء وجاهي ضمن الالتزام باشتراطات السَّلامة العامة .
وتشارك في المعرض الرَّسامات، غادة الجرمي، حنان الجعبري، زهراء جمال، روان حمَّاد، سارة غرايبة، مرح حسونة، منى سليمان، رؤى زيتون، هديل خضر، أميرة الشَّريف، ويستمر من 20 – 30 أيَّار في مساحة فن وشاي الثَّقافية بمنطقة اللويبدة في العاصمة عمَّان، وبدعم من مؤسسة كونراد اديناوير الالمانية ومجموعة وش بوكس للإعلام وقلم حر.