اليوم الاربعاء 27-3-2024 تضاعف الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من القرن الحالي 5 مرات، إذ سجل في 1999 قرابة 7.12 مليار دينار، ووصل في 2022 إلى 34.54 مليار دينار بالأسعار الجارية.
وشهد الاقتصاد الأردني تسارعاً كبيراً في العشرية الأولى من القرن، رافقه نمو حقيقي سنوي، بلغ متوسطه الإجمالي 5.5 بالمئة خلال الفترة 1999- 2008، ووصل إلى ذروة معدل النمو السنوي الحقيقي بمتوسط إجمالي 6.2 بالمئة بين عامي 2004-2008.
ووصل النمو الاقتصادي خلال الفترة 1999-2022 إلى معدل 3.7 بالمئة، وهو أعلى من معدل النمو في المنطقة العربية وضمن المعدل في العالم خلال تلك الفترة.
وخلال الفترة 1999-2009 حافظ الأردن على معدلات نمو حقيقي أعلى من معدل النمو العالمي ومن معدلات نمو المنطقة العربية، وفي المرحلة الثانية من 2010 وحتى 2018، حافظ على معدلات نمو حقيقية سنوية بلغ متوسطها الإجمالي 2.5 بالمئة.
وفي المرحلة الثالثة 2019 – 2022، شهد الاقتصاد تراجعاً كبيرا بسبب تداعيات جائحة كورونا، إذ بلغ النمو (سالب) 1.1 بالمئة في عام 2020، ليبدأ الاقتصاد بالنمو والتعافي بعدها منذ عام 2021.
وقال الباحث في الشأن السياسي والاجتماعي والوزير الأسبق الدكتور حازم قشوع لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن التسارع الذي شهده نمو الاقتصاد الأردني خلال ربع قرن يمكن قراءة مؤشراته من حيثيات عديدة، منها ما يتعلق بالأصول الثابتة، كالأراضي والعقارات وزيادتها بنحو ملحوظ في معظم المحافظات وتحسن مستويات الدخل، إذ تضاعف الحد الأدنى للأجور أكثر من 4 مرات، والتي يمكن قياسها من خلال ما تم استثمارها فيه من بنية تحتية وخدمات وطرق وغيرها في مختلف المحافظات، ووفرت كلها كينونة أمان للمواطن.
وأشار الدكتور قشوع، إلى ما وثّقه كتاب “الانتقال الكبير” الصادر عن صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية بمناسبة اليوبيل الفضي لجلالة الملك، من قدرة الأردن خلال مرور العالم بسلسلة من الأزمات الاستراتيجية والاقتصادية التي ألحقت أضرارا كبيرة في الأنظمة النقدية في معظم الدول، على حماية نظامه النقدي والحفاظ على استقرار الدينار.
ولفت إلى وجود أزمات موضوعية رافقت مسيرة الإنجاز الاقتصادي وشكلت حجر عثرة في تقدم المسارات التنموية، بدءاً من الحرب العراقية، والأزمة الاقتصادية العالمية، والربيع العربي، وشبح الإرهاب، وجائحة فيروس كورونا، وأخيراً الحرب الإسرائيلية في غزة.
واعتبر أنه من المفترض أن يقفز الناتج المحلي الإجمالي إلى أكثر من 50 مليار دينار سنوياً، إلا أن الزيادة في أعداد السكان زادت الأعباء التي حالت دون تحقيق تلك المستويات وأوجدت حالة من عدم القدرة على التمكين الكامل للقطاع الخاص، إضافة إلى مشكلة البطالة وغيرها.
وتطورت حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بالتوازي مع حالة النمو الاقتصادي، إذ حقق هذا المؤشر درجات نمو جيدة في العشرية الأولى بالأسعار الحقيقية، فقفز من 2924 ديناراً عام 1999، ليبلغ ذروته عند 3655 دينارا عام 2009، أي بمتوسط معدل نمو سنوي بلغت نسبته 2.5 بالمئة عما كان في 1999.
وبدءاً من عام 2013 أخذت حصة الفرد بالتراجع التدريجي، ووصلت إلى أدنى مستوى لها في عام جائحة كورونا 2020، إذ انخفضت إلى 2755 ديناراً، ثم عادت إلى الارتفاع التدريجي لتبلغ في 2022 ما قيمته 3056 ديناراً.
وأكد قشوع، ضرورة البناء على ما أُنجز حتى اليوم، وإقامة مشاريع كبرى، كالأنهار والبحيرات الاصطناعية والسدود الضخمة والمدن الاستراتيجية، ذات قوام جديد ومشاريع استراتيجية وتطوير القطاعات الحيوية والرياضية والمرافق الصحية وزيادة الإنتاجية وغيرها.
واعتبر أن حجم الإنتاجية الوطنية والحفاظ على استقرار الدينار والموجودات الأجنبية، التي قدّمها البنك المركزي وغيرها من العوامل، أمر ملفت ويتطلب المزيد بهدف الحفاظ على الأردن واحة أمن وأمان واستقرار.
واتخذت الحكومة عدداً من الإجراءات لمواجهة واحدة من أبرز الأزمات؛ الأزمة المالية العالمية، من خلال ضمان جميع ودائع المواطنين في القطاع المصرفي حتى نهاية عام 2010، بما فيها ودائع البنوك المرخصة في المملكة وودائع غير المقيمين وودائع الحكومة المركزية وودائع المؤسسات العامة لدى البنك المركزي الأردني، فيما رفع البنك المركزي نسبة الاحتياطي الإلزامي من 8 بالمئة إلى 10 بالمئة، ثم خفّض هذه النسبة تدريجياً إلى 7 بالمئة في ضوء تراجع معدل التضخم في تشرين الأول 2008.
وقالت الأستاذة في قسم الاقتصاد بالجامعة الهاشمية الدكتورة آلاء البشايرة، إن الأردن مر خلال الفترة 1999-2022 بمجموعة من الأحداث السياسية والاقتصادية على حد سواء، أسهمت في رفع معدلات التضخم، بفعل أحداث سياسية شهدتها المنطقة وبدء عملية لجوء للمملكة، ما ساهم في تضخم أسعار العقارات وإحداث فقاعة في السوق المالية، بالإضافة إلى الأزمة المالية العالمية في 2008، وما يسمى بالربيع العربي الذي ساهم برفع فاتورة الطاقة بنحو كبير، ولجوء الأشقاء السوريين للأردن، وأزمة فيروس كورونا ومشاكل سلاسل التزويد.
وأوضحت أنه “من المعروف اقتصاديا أن التضخم يعمل كالوقود في إشعال الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية، رغم أن الناتج الحقيقي متأخر عنه في النمو”.
وأشارت إلى أن موجات اللجوء، شكلت ضغطاً على البنية التحتية ورفعت من معدلات التضخم، لافتة إلى مساهمة ذلك من ناحية أخرى بطريقة إيجابية في رفع الإنتاج الحقيقي من خلال الاستثمارات، خاصة في قطاع الصناعات الغذائية وغيره.