الخميس 18-4-2024 :
حذر نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، من أن إسرائيل تحاول قتل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التي تتعرض منذ سنوات لمحاولة اغتيال سياسي يستهدف رمزية الوكالة التي تؤكد حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والتعويض وفق القانون الدولي.
وقال الصفدي في جلسة خاصة عقدها مجلس الأمن بطلب من الأردن حول الأونروا، إن المجتمع الدولي يجب أن يبني موقفه من الوكالة استنادا إلى تضحياتها وعملها ودورها، لا استنادا إلى الادعاءات المزيفة والأكاذيب ومحاولات تشويه التاريخ والحاضر التي تروجها إسرائيل.
وأضاف إن غزة تتضور جوعا، ويواجه سكانها البالغ عددهم 203 ملايين خطر المجاعة، وهذا كله من صنع الحكومة الإسرائيلية التي ما انفكت تستخدم التجويع سلاحا في انتهاك صارخ للقانون الدولي، وفي تحد للإرادة الدولية التي عبرت عنها قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، ضاربة بذلك عرض الحائط جميع القيم والأعراف الإنسانية.
وتابع، إن معاناة الفلسطينيين يصعب وصفها، ووحدها وكالة الأونروا تمتلك المعرفة والقدرة والبنية التحتية للمساعدة في تخفيف تلك المعاناة باعتبارها العمود الفقري وعصب الجهود الإنسانية في غزة، بيد أن إسرائيل تريد قتلها ولا تريد لها أن تقوم بدورها، مطالبا بدعم الأونروا لأنها وحدها القادرة على مساعدة الفلسطينيين الجائعين في غزة، وتوفير الخدمات الحيوية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس.
وبين أن الأونروا تستحق التقدير على ما بذلته من تضحيات لضمان ألا يقضي الفلسطينيون في غزة جوعا، مشيرا إلى سقوط 178 شخصا من موظفي الأونروا ضحايا لرصاص وقنابل إسرائيل، مقدما التعزية للمفوض السامي للوكالة على سقوط هؤلاء الضحايا ولعائلاتهم.
وأوضح أن المساعدات الشحيحة التي تسمح إسرائيل بدخولها إلى غزة لا تصل إلى جميع المنكوبين في القطاع، لأن إسرائيل منعت الأونروا من القيام بواجبها استنادا للولاية التي منحتها إياها الأمم المتحدة.
وقال إن الأمم المتحدة تضم جميع دول العالم، فعندما تقرر الأمم المتحدة، فإن العالم بأكمله هو الذي يقرر، ولذلك فإن مهاجمة الأمم المتحدة هي مهاجمة للمجتمع الدولي بأكمله، ومهاجمة للقانون الدولي، ومهاجمة للنظام متعدد الأطراف الذي ندعمه جميعا والذي انشئت الأمم المتحدة للحفاظ عليه.
ولفت إلى أن الأطفال الغزيين يموتون لأن الأونروا ووكالات الإغاثة الأخرى منعت من مساعدتهم، وبعض موظفي الإغاثة الذين حاولوا تقديم المساعدة لهم قتلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي بدم بارد، وحتى بعد الاستنكار العالمي والإدانة العالمية لمقتل موظفي الإغاثة التابعين لمنظمة المطبخ المركزي العالمي، استهدفت إسرائيل أيضا فريق (اليونيسف) الذي نجا من الموت بأعجوبة، ولم يكن هناك أي تحقيق مستقل في تلك الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل، ولم يبذل أي جهد لفرض تحقيق مستقل في تلك الجرائم الدموية التي ارتكبت بدم بارد وهي ليست خافية على أحد.
وأكد أن الحقيقة هي ضحية أخرى من ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة، فحملة التضليل التي تقوم الحكومة الإسرائيلية بنشرها ضد الأونروا والأكاذيب وتشويه التاريخ والحقائق ينبغي ألا تؤثر على الرأي العام العالمي تجاهها، بل إن عمل الأونروا الأساسي والتزامها بقيم الأمم المتحدة وتضحياتها وتفاني موظفيها، يجب أن يكون موضع اعتراف وتقدير من العالم بأكمله.
وأشار إلى أن إسرائيل وجهت اتهامات ضد 12 من موظفي الأونروا البالغ عدد طاقمها 13 ألف موظف في غزة، وقد تصرفت الوكالة بمسؤولية، وقامت على الفور بفصل هؤلاء الموظفين حتى قبل بدء التحقيق، ورحبت الوكالة وتعاونت بشكل كامل مع التحقيق المستقل الذي ترأسته وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاثرين كولونا، بالإضافة إلى إطلاق الأمم المتحدة تحقيقها الداخلي الخاص في هذه المزاعم.
وتابع إن الأونروا ليس لديها ما تخفيه، فهي ترتقي إلى مستوى مسؤولياتها، والتزمت باتخاذ إجراءات إصلاحية تجاه أي مخالفات أو أوجه قصور في حال اكتشافها، إلا أن الاستهداف الإسرائيلي للوكالة لا يزال متواصلا ومستمرا، لافتا إلى أن الحملة الإسرائيلية الشعواء ضد الوكالة كانت قد بدأت قبل الادعاءات ضد 12 من موظفيها، فكانت الوكالة هدفا للاغتيال السياسي منذ سنوات، وإسرائيل تريد قتل الأونروا وما تمثله، والهدف من هجومها عليها هو قتل حقوق اللاجئين الفلسطينيين، لكنها لن تنجح.
وشدد على أن قتل القضية الفلسطينية، وقتل الحديث عن وجود احتلال غير شرعي وغير إنساني، يجب أن ينتهي، ولن ينجح، ويجب توفير الحماية للأونروا الآن بنفس الطريقة التي كانت تتمتع بها في الماضي.
وأوضح أن الأونروا هي بارقة الأمل الوحيدة في البؤس الذي فرضته إسرائيل على اللاجئين الفلسطينيين؛ فقد وفرت الوكالة الأمل والتعليم والفرصة للاجئين الفلسطينيين في لبنان وسوريا والأردن، ولحوالي 5.6 مليون لاجئ فلسطيني يرون فيها رمزا للاهتمام العالمي المستمر بمحنتهم، وتخفيف الظلم التاريخي الذي تعرضوا له.
وبين أن هنالك أكثر من 300 ألف طالب يدرسون في مدارس الأونروا في غزة، قبل أن يحول العدوان الإسرائيلي ما تبقى من مدارسهم إلى ملاجئ مكتظة بمئات الآلاف من أصل 1.7 مليون فلسطيني تم تهجيرهم في غرة، ولولا الأونروا سيحرم مئات الآلاف الآخرين في الضفة الغربية وسوريا ولبنان من حقهم في التعليم والرعاية الطبية، وهناك أكثر من 100 ألف فتى وفتاة من أصل 2.3 مليون لاجئ فلسطيني في الأردن يتلقون تعليمهم في مدارس الأونروا في جهد لا يمكن لأي وكالة أخرى أن تقوم بمثله.
ومضى قائلا، لقد ولدت الأونروا من رحم نكبة عام 1948 عندما هجرت إسرائيل مئات الآلاف من الفلسطينيين من منازلهم وأراضيهم، فأنشأت الأمم المتحدة الأونروا كوكالة مؤقتة لرعاية اللاجئين الفلسطينيين لحين عودتهم إلى ديارهم، إلا أنهم لم يعودوا، وفي عام 1967 استمرت مأساة الفلسطينيين بالنزوح من ديارهم، ولذلك فإن الأونروا يجب أن تستمر ولايتها ما استمرت محنة اللاجئين حتى يتم حل قضيتهم، وفقا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، والتي تؤيد حقهم في العودة والتعويض، وفي سياق حل شامل للصراع، وهذا هو الالتزام القانوني والأخلاقي والإنساني، ولن يتم التوصل إلى هذا الحل إلا إذا انتهى السرطان والشر وهو الاحتلال، وتمكن الفلسطينيون من العيش بكرامة وحرية في دولتهم المستقلة ذات السيادة على وطن آبائهم وأجدادهم.
وقال إن وكالة الأونروا ضرورة لا غنى عنها، ولا يمكن استبدالها، ولا أن تحل أي جهة محلها، فهناك حاجة ماسة لوجودها الآن أكثر من أي وقت مضى، فالأطفال الغزيون يقضون من الجوع والجفاف في جحيم الألم والموت والمعاناة الذي جلبته الحرب الإسرائيلية إلى غزة.
وتابع، هذه الحرب على غزة يجب أن تتوقف، وسوف تتوقف، وعندها سيرى العالم بأم عينيه الواقع اللاإنساني الذي فرضته إسرائيل على غزة، والذي حاولت جاهدة أن تخفيه عن أعين العالم، بمنعها الصحفيين من الدخول إلى القطاع وتوثيق الدمار الذي سببته، وعندها سيتمكن العالم جليا من رؤية حجم الدمار والموت والمعاناة الذي جلبته إسرائيل إلى غزة، وسوف يدرك العالم مدى احتياجه للأونروا، ومدى أهمية الدور الذي تلعبه الوكالة الدولية.
ودعا إلى حماية الأونروا الآن، ودعمها ماليا وسياسيا لأن ذلك سيدعم الاستقرار الإقليمي بلا شك، كما أن إنقاذ الأونروا يعني إنقاذ الأرواح وإنقاذ الأمل، والوقوف إلى جانب العدالة وجانب حق الشعب الفلسطيني في العيش بكرامة وحرية دون خوف، ودون حرمان، ودون قمع.
وقال إن الفلسطينيين ليس لديهم أي أمل في أن تنتهي محنتهم، وهم يشاهدون أقاربهم في غزة يقتلون، وفي الضفة الغربية يتعرضون لجميع أنواع القمع والهجمات وإرهاب المستوطنين ومصادرة أراضيهم وبناء المستوطنات على منازلهم وأراضيهم وفوق مزارعهم، مطالبا بأن يتوقف ذلك كله، لأن الشرق الأوسط لن ينعم بالسلام الذي يستحقه إلا إذا فعلنا ذلك، ولن يتمكن الفلسطينيون والإسرائيليون، ونحن جميعا، من العيش في سلام إلا إذا حصل الشعب الفلسطيني على حقوقه.
إلى ذلك، أجرى الصفدي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم على هامش أعمال اجتماع مجلس الأمن، مباحثات موسعة ركزت على ضرورة وقف العدوان على غزة، وإنهاء الكارثة الإنسانية التي يسببها.
كما بحث الصفدي وغوتيريش التعاون القائم بين الأردن والأمم المتحدة لوقف العدوان وإدخال مساعدات كافية ومستدامة إلى جميع أنحاء القطاع.
وشدد الصفدي وغوتيريش على ضرورة خفض التصعيد في المنطقة.
وبحث الصفدي ووزير خارجية مالطا إيان بورج، الذي ترأس بلاده مجلس الأمن الدولي لشهر نيسان الجاري، جهود التوصل لوقف دائم لإطلاق النار في غزة، وإيصال المساعدات الكافية والمستدامة لجميع أنحاء القطاع.
وشدد الصفدي على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته وخاصة مجلس الأمن ووقف الحرب المستعرة على القطاع وتداعياتها الكارثية.
وأكد الوزيران أهمية خفض التصعيد في المنطقة وضمان عدم توسع خطر الحرب إلى المنطقة برمتها.
والتقى الصفدي المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني، في اجتماع أكد أهمية توفير الدعم اللازم للوكالة لتتمكن من الاستمرار في تقديم خدماتها الإنسانية التي لا يمكن الاستغناء عنها لأكثر من 2.3 مليون فلسطيني في غزة يواجهون كارثة إنسانية غير مسبوقة جراء الحرب الإسرائيلية على القطاع.
ودعا الصفدي إلى رفع جميع القيود والعقبات أمام إيصال المساعدات الإنسانية.