منوعات

عُمان.. حراك ثقافي محلي وعربي ودولي يعكس العمق الحضاري والثقافي للسلطنة

 20 تموز- يعكس التقرير الثقافي الصادر اليوم السبت عن وكالة الأنباء العمانية ضمن الملف الثقافي لاتحاد وكلات الأنباء العربية(فانا)، ما تتمتع به سلطنة عمان الشقيقة من عمق حضاري وثقافي متكئاً على امتداد تاريخي وتواصل عصري.
ووفقا لبيان صادر عن (فانا) الذي يستهل المشهدية الثقافية العمانية بتقريره الأول والمعنون “تحت سماء موسكو، يروي بهاء الفضة حكاية إبداع عُماني أصيل”، الذي يقول إنه على وقع أنغام التاريخ العريق، تُشرع أبواب متاحف الكرملين في موسكو لاحتضان معرض “بهاء الفضة: مقتنيات من البلاط العُماني”، رحلةٌ عبر الزمن، تُجسّد عبق الحضارة العُمانية، وتُبرز إبداع الإنسان العُماني في صياغة الفضة وتحويلها إلى روائع فنية تتحدّى الزمن.


ويُقام هذا المعرض الفريد تحت رعاية وزيرة الثقافة في روسيا الاتحادية أولغا ليوبيموفا، ليُجسّد عمق الروابط الثقافية بين عُمان وروسيا.
وبهذه المناسبة، تُؤكد سمو الدكتورة منى بنت فهد آل سعيد، مساعدة رئيس جامعة السُّلطان قابوس للتعاون الدولي ونائبة رئيسة مجلس أمناء المتحف الوطني، على أهمية هذه الروابط في تعزيز التفاهم والتعاون بين البلدين.
ويُتيح المعرض الذي يستمر حتى 29 أيلول المقبل للزائر فرصة استكشاف إبداع الحرفيين العُمانيين في صياغة الفضة، حيث يعرض مجموعة مختارة من المقتنيات النادرة التي تعود لسلاطين عُمان في مسقط وزنجبار. وتُجسّد هذه المقتنيات ثراء الأناقة في التاريخ العُماني، وتُعبّر عن لغة الفن العالمية التي تتجاوز الحدود.
وينقسم المعرض إلى خمسة أقسام رئيسة، هي: الخنجر العُماني، وثقافة الطيب، وفن صناعة الفضة، والأزياء التقليدية، وأزياء النخبة لشخصيات عُمانية بارزة في شرق أفريقيا آنذاك.
“ولاية صور: حكاية أمواج تتراقص على أنامل الحرفيين”؛ تُحاكي شواطئ صور حكاية حضارة عريقة وأمواج تتراقص على أنامل الحرفيين، حكاية سفن خشبية شاهقة تشقّ عباب الماء، حاملة معها عبق التاريخ وعبق التجارة وعبق عُمان.
ومنذ فجر التاريخ، اتخذت صور مكانة متميزة في صناعة السفن، فكانت مهدًا للملاحة البحرية ومركزًا إشعاعيًّا لصناعة السفن الشراعية التي جابت أصقاع العالم، تاركة وراءها إرثًا عريقًا يشهد على براعة أبناء عُمان ومهارتهم الفائقة.
لم تكن صناعة السفن في صور مجرد حرفة عادية، بل كانت فنًا يتوارثه الأجيال، ويمزج بين الخبرة والدقة والإبداع؛ فبأدوات بسيطة ومهارات متوارثة تمكنّ حرفيو صور من بناء سفن ضخمة تراوحت حمولتها بين 100 و250 طنًّا، قادرة على خوض عباب المحيط الهندي دون خوف أو وجل.


وخلال القرنين التاسع عشر والعشرين، ازدهرت صناعة السفن في صور بشكلٍ ملاحظ، لتصبح من أهم مراكز هذه الصناعة في الجزيرة العربية، مثلما ازدادت شهرة صور بصفته مركزًا تجاريًّا بحريًّا مهمًّا، إذ كانت سفنها تبحر إلى أنحاء العالم، حاملة معها بضائع عُمان من تمور ولبان وعطور وغيرها.
وللسفن الخشبية مواصفات تميز الواحدة عن الأخرى، من حيث الشكل والحجم وغرض الاستخدام والحمولة ومن السفن التي كانت تصنع في صور ومنها سفن “الغنجة” و”السنبوج” و”البدن”.
وكان يصنع في صور سفن صغيرة منها “الجالبوت” وهي سفينة تجارية صغيرة الحجم إذا ما قيست بسفن الغنجة والسنبوج، كما تصنع “الماشوة” وهو القارب المرافق لسفينة الشحن الكبيرة، وهذا القارب متوسط الحجم يتم تحريكه بالمجاديف التي لا يقل عددها عن أربعة ولا يزيد على عشرين مجدافًا.
كما اشتهرت صور أيضا بصناعة سفن الصيد؛ حيث شاع استخدام “هوري الصيد” على امتداد السواحل العمانية، وهو هوري العبور الذي يعد قاربًا صغيرًا محفورًا يستورد من الملبار (الهند) ولا يزيد طوله على 5 أمتار وارتفاعه 80 سنتيمترا وكانت الحاجة إليه ماسة لخفته وسهولة تسييره بمجداف واحد أو اثنين.
وتبقى صناعة السفن في صور رمزًا لحضارة عُمان العريقة، وشعبها المبدع، وإبداعهم في التكيف مع ظروف البيئة والبحر؛ فصناعة السفن ليست مجرد حرفة تقليدية، بل قصة إنسانية تروي حكاية شعب عشق البحر، وتحدى الأمواج، وبنى حضارة عظيمة.
وتحت عنوان صدور كتاب “أمثال فارسية وأمثال عُمانية” يتناول التقرير ما صدر عن مجلس النشر العلميّ بجامعة السُّلطان قابوس الكتابٌ العلميٌّ المحكّم بعنوان: “أمثال فارسية وأمثال عُمانية، ترجمة وموازاة ودراسات”، لعدد من الباحثين وهم: الدكتور إحسان بن صادق اللواتي، والدكتور زاهر بن مرهون الداودي، والدكتورة سناء بنت طاهر الجمالية، والدكتور فاطمة كريمي.
واشتمل الكتاب على بابين، الأول، ترجمة لمجموعة من الأمثال الفارسيّة المتخيّرة المرتّبة ألفبائيًّا من لغتها الفارسية الأصلية إلى العربية، مع ذكر الأمثال العُمانية الموازية المتفقة أو المتشابهة معها في معانيها، فيما الباب الثاني تناول دراسات كتبها الباحثون الأربعة المشتركون في الكتاب.
واستضافت مؤسسة بيت الزبير اليوم، الفعالية الثقافية “أيام سورية في بيت الزبير”، تضمّنت عددًا من الفقرات من بينها عرض فيلم “المطران” للمرة الأولى في سلطنة عُمان، وهو من تأليف حسن يوسف وإخراج السوري فلسطيني الأصل باسل الخطيب، وبطولة رشيد عسّاف مع نخبة من نجوم الدراما السورية.
وتتضمن الأيام السورية جلسة شعرية للشاعرين هلال السيابي ويقين جنود، إضافة إلى فقرة غنائية للفنانين: أحمد سكماني وديالا عمار والدكتورة سامية عصفور، وعلى هامش الأيام السورية يقام معرض فضاءات تشكيلية سورية وتجربة تذوق المأكولات السورية.

كما يتناول التقرير ضمن الملف الثقافي كذلك “مكتبة عُمان الوطنية، منارةٌ ثقافيةٌ تُشرقُ على المستقبل” حيث في قلب العاصمة العُمانية مسقط، ينبض مشروعٌ ثقافيٌّ ضخمٌ يُجسّدُ طموحات عُمان في الحفاظ على تراثها الفكريّ وتطوير منظومتها المعرفية، إنه مشروع مجمع عُمان الثقافي، الذي تحتضنُ بين جنباته مكتبة عُمان الوطنية.
وتُمثّلُ المكتبة صرحًا ثقافيًّا مهمًّا تهدفُ إلى جمعِ وحصرِ وتنظيمِ الإنتاج الفكريّ العُمانيّ بمختلف أشكاله، سواءً المطبوع أو غير المطبوع، وإتاحتهُ لجميعِ شرائحِ المجتمع.
ويقول المشرف على مشروع مكتبة عُمان الوطنية الدكتور موسى بن ناصر المفرجي، إن فكرة إنشاء المكتبة ليس وليد اليوم بل يعود إلى نهاية السبعينيات من القرن الماضي، مبينا أنها تهدف إلى إيداع المصنفات العُمانية لحماية النتاج الفكري العُماني بمختلف أشكاله التقليديّة وغير التقليديّة.
وأوضح أن المكتبة ستضم كل ما نُشر عن سلطنة عُمان من إصدارات ومصنّفات ومطبوعات حكوميّة ورسائل علميّة، بالإضافة إلى مؤتمرات وندوات تحدثت عن سلطنة عُمان.
وفي حديثه عن عدد الإصدارات التي ستضمها المكتبة الوطنية؛ أكد أنها صُممت لاستيعاب مليون مجلد، إضافة إلى المصادر الإلكترونية والوسائل السمعية والبصرية والأفلام والخرائط وغيرها.
وتضم مكتبة للأطفال بمبنى مستقلّ، وقاعات متعدّدة منها قاعات خاصة للباحثين والدارسين للاستفادة منها على مستوى البحث والتعلم مع كل ما توفره من خدمات إلكترونية، إلى جانب أقسام المخطوطات والكتب النادرة، والدراسات العُمانية والجزيرة العربية، والدراسات المتعلقة بأئمة وسلاطين عُمان.
وتحت عنوان “الهوية والمسرح في سلطنة عُمان.. بين أسس التكوين ونتائج التنفيذ” قال التقرير إن الهوية الثقافية من ركائز التعبير الفني، ويتجسد ذلك بشكل خاص في سياق المسرح بكل توجهاته، بما فيها مسرح الطفل والمسرح المدرسي وغيرها من الاتجاهات المسرحية في سلطنة عُمان، حيث تشكل تلك الهوية جوهر وجوده، وعينًا من العيون التي تسقي تراثه الغني المتنوع.
وعن تأصيل الهوية الثقافية العمانية في مسرح الطفل في سلطنة عُمان بينت الباحثة في شؤون أدب الطفل الدكتورة كاملة بنت الوليد الهنائية أن المسرح ابن بيئته ويستمد جميع منابعه من مصادر تمدّه بالإبداع من نص وممثلين ومخرجين، مبينة أنه لا انفصال بين ما يقدم في مسرح الكبار عن ما يقدم في مسرح الأطفال إلا بخصوصية الجمهور المستهدف.
ولفت إلى أن مسرح الطفل العُماني تجذر في هويته، فكانت الحكايات من التراث العربي مثل حكايات ألف ليلة وليلة والحكايات الشعبية العُمانية، وأن مجتمع السلطنة ينقل تجاربه وتراثه للأجيال ويضع الأصالة في مقدمة تطوره ويتمسك بالقيم العليا التي تخرج في عناصر الإبداع ويقدّمها أبناؤه في مختلف التخصّصات.
وقالت إن مسرح الطفل يقوم بأدوار كثيرة ويعد مدرسة بحدّ ذاته، ونطمح أن يكون هناك مهرجان وطني لمسرح الطفل، ويختار شعار في إحدى دوراته العبور بالهوية إلى عصر الذكاء الاصطناعي.

ولا يبتعد الكاتب والمخرج المسرحي المغربي عبد اللطيف فردوس الذي كان قريبًا من المسرح العُماني في برامج شتى عندما يقدم رؤيته حول الهوية في المسرح العُماني ومدى تأصلها وتأثيرها في الواقع الثقافي، إذ يشير إلى أن الهوية الثقافية عامل أساسي تشكل ركائز التعبير الفني، ويبرز ذلك بشكل خاص في سياق المسرح العُماني، فهو أداة فاعلة للاستكشاف والتعريف بالهوية العُمانية بشكل عام، ويتغذّى وفي الوقت نفسه يغذّي بشكل نسقي تفاعلي قيم ومعارف الإنسان العُماني، وينهل من تقاليده وعاداته الأصيلة، وتمثل مصدر إلهام للمسرحيين كُتّابًا ومخرجين ومصممي المناظر والملابس والاكسسوارات وملحني كلمات الأغاني المسرحية.
وقالت الباحثة في شؤون المسرح العُماني الدكتورة عزة بنت حمود القصابية، إن المسرح العُماني في بداياته لم يُعرف بصفته فنًّا، لكنه كان جزءًا من النشاط الثقافي، والتراثي والتاريخي، ورافق المسيرة التربوية ما بعد سبعينيات القرن الماضي وحدثت نقلته النوعية بعد ثمانينات القرن الماضي، عندما بدأت تترجم الأعمال
المسرحية العالمية، و”تعمين” وإعداد بعض المسرحيات العربية، وتشكيل أول فرقة مسرحية، ثم سرعان ما بدأ الكُتّاب العُمانيون في كاتبة نصوص تحمل روح وهوية الشارع العُماني بما فيه من قضايا وموضوعات تستحق أن تطرح على خشبته، فكان للمسرح جمهوره الذي يحرص على التفاعل مع عروضه البسيطة.
ولفتت الى أنه بمرور الزمن، توالت العروض المسرحية العُمانية التي وثقت للمسرح العُماني، وبرزت من خلالها الهوية الثقافية خاصة العروض الجماهيرية، وتلك المستوحاة من التراث والتاريخ العُماني.
أما المسرحي بدر بن سيف النبهاني فتطرق إلى تجسير واقع الهوية العُمانية والتواصل الثقافي بين الأجيال من خلال المسرح المدرسي في سلطنة عُمان، والأدوات الناجعة للعمل عليها وتحقيق نتائج إيجابية تتعلق بشأن هذا التجسير.
وقال: منذ عقود من الزمن ونحن نتحدث عن تداعيات العولمة باعتبارها واحدة من أهم الظواهر الحضارية من جهة، وكونها ظاهرة تؤثر على هوية الإنسان وتجعله نسخة مشابهة للإنسان الآخر في مختلف أبعاد حياته، ما يلقي بظلال قد تكون خطيرة على مستقبله.
وأكد أن المسرح المدرسي واحد من من أقوى القنوات الثقافية المؤثرة على الإنسان على مر العصور، وبما أن جميع المدارس العُمانية تفعّل المسرح المدرسي كنشاط طلابي، فإن هذا المسرح أداة مهمة للمؤسسة التربوية لمكافحة تأثيرات العولمة السلبية.
وبين أن التاريخ العُماني يزخر بقصص أبطال وملاحم سطرها العُمانيون على مر العصور، وأن تقديم هذه النماذج سيكون لها تأثير كبير على تكوين الطالب العُماني، مشيرا إلى أهمية تقديم هذا الموروث بصورة عصرية تنسجم مع عقلية هذا الجيل الذي يقضي وقتًا طويلًا خلف شاشات الهواتف المحمولة.
وأوضح أنه رغم حساسية الحديث عن عصرنة الموروث، وضرورة توخي أقصى درجات الحذر عند الشروع في ذلك، إلا أن هناك الكثير من العصرنة على الأزياء والموسيقى على سبيل المثال، كما يجب تقديم الهوية بروح عصرية من خلال المسرح المدرسي، بما يضمن قبول النشء لها وتمثلهم إياها بروح عصرية.