منوعات

مهرجان جرش .. نافذة لتمكين المرأة والمجتمعات المحلية وتسويق المنتج التراثي

اليوم الإثنين 22-7-2024 : مجدي التل- يشرع مهرجان جرش للثقافة والفنون، الذي يعد نافذة لتمكين المرأة والمجتمعات المحلية اقتصاديا، وتسويق المنتجات التقليدية والحرفية التراثية سياحيا، أبوابه التي تتيحها مرافقه، إلى معروضات المُنتِجات والمنتجين، ليتحسسوا سبيلهم نحو فضاءات الصناعات الإبداعية.
وتسهم مشاركة المرأة بشكل فردي وعبر الجمعيات التعاونية الإنتاجية في حلقة المنتجات والمشغولات والحرف التقليدية والتراثية، بتمكينها اقتصاديا واجتماعيا، مثلما تلعب دورا مهما بتمكين المجتمع المحلي من حولها من خلال من يحيطها في الدائرة الأقرب؛ الأسرة، لتتسع في حلقة أكبر تسهم في خلق فرص عمل للعديد من الشباب والشابات الذين يواجهون تحديات البطالة.
وبحسب مقدمة مخرجات الجلسات الحوارية التي عقدت في شهر شباط من العام الحالي حول التمكين الاقتصادي للمرأة في إطار رؤية التحديث الاقتصادي، والتي نظمها المجلس الاقتصادي الاجتماعي الأردني، بالتعاون مع اللجنة الوطنية لشؤون المرأة وبدعم من مشروع “مكانتي” الممول من الوكالة الأميركية؛ فإنه “في ضوء الأهمية المتزايدة لدور المرأة في المجتمع نجد أن هناك تأثيرا عميقا لها، لا يقتصر على المحافظة على التراث فقط، بل يمتد لتضمين الابتكار والإبداع في الحرف اليدوية من خلال التركيز على الحرف اليدوية والابتكار”.
وتتابع مقدمة المخرجات، “في ضوء سعي المرأة للتقدم والنجاح، تجد أن التدريب المستمر وزيادة الخبرات المهنية هما من العناصر الرئيسة التي تضمن لها الاستمرارية والتطور في سوق العمل، وفي هذا السياق تعتبر الجمعيات التعاونية وسيلة فعالة لتوفير مظلة قانونية تسهل إنشاء مشاريع إنتاجية”.
وقالت مديرة وحدة تمكين المرأة في محافظة جرش إيمان بني مصطفى لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)؛ إن الوحدة تعمل منذ عام 2018 في المحافظة، بالتعاون مع الجمعيات الخيرية والتعاونية سواء على مستوى المحافظة أو المحافظات الأخرى لتمكين المرأة.
وأشارت إلى أن الوحدة تعاونت في السنوات السابقة مع العديد من الجمعيات التي تعمل على تمكين المرأة، من خلال تعزيز القدرة الإنتاجية للسيدات لتسويق منتجاتهن اليدوية من مطرزات وأثواب تقليدية، التي تعكس تراث الأردن ومناطقه.
وقالت إنه من أبرز تلك المنتجات “الهدب” التي تعكس تراثنا الشعبي والتقليدي، وكذلك تقوم السيدات بصناعة المنتجات الغذائية التراثية وإعداد المأكولات الشعبية، منوهة بأن معظم السيدات يتمتعن بالقدرة الانتاجية لهذه المنتجات.
وتطرقت إلى دور السيدات والفتيات المنتجات في الصناعات التقليدية والحرف اليدوية والتي تدخل في إطار الصناعات الابداعية ومنها المنحوتات الخشبية و”الريزن” والرسم على الرمل والخزفيات واعادة تدوير “الديكوباج” التي هي لوحات فنية من مواد الخشب يتم تشكيلها من مواد تم استخدامها سابقا، الأمر الذي يسهم بتمكين المرأة اقتصاديا وايجاد مصدر دخل لها ولاسرتها، كما يسهم بالمحافظة على البيئة.
ولفتت الى ان الوحدة معنية بتوفير فرص تسويقية مع القطاعين الرسمي والخاص حيث تقوم بتشبيك السيدات مع منظمات المجتمع المدني التي تدعم السيدات وتمكنهن اقتصاديا وتوفر لهن المنح التي تعزز من رفع نسبة مشاركة المرأة الاقتصادية في المملكة، مشيرة إلى انه تم منح 15 سيدة من محافظة جرش لمشروعات إنتاجية خلال هذا العام تقدر قيمة كل منحة باربعة آلاف دينار، مما أسهم بتعزيز دور الوحدة والتعاون بين الوحدة والجمعيات.
وبينت ان الوحدة شاركت في مهرجان “صيفك احلى” الذي يقام في الساحة الهاشمية بجرش كما شاركت في احتفالات اليوبيل الفضي لتسلم جلالة الملك عبد الله الثاني سلطاته الدستورية، منوهة بأن هذه المشاركات تعد فرصا ذهبية لعرض منتجات السيدات وتسويقها.
وأكدت بني مصطفى أن “مهرجان جرش للثقافة والفنون” يحتل مكانة مميزة لدى المجتمع المحلي والوحدة والجمعيات الانتاجية، وخصوصا التي تعمل على تمكين المرأة، كما أنه يعتبر نافذة مهمة يتم من خلالها عرض وتسويق منتجاتهن وبالتالي يسهم بتمكين المرأة المنتجة اقتصاديا ويترك اثرا ايجابيا على المجتمع المحلي ويسهم بتسويق وتعزيز حضور المنتج السياحي الاردني وتسويقه عالميا.
ودعت المواطنين الى زيارة المهرجان للمساهمة بتمكين المراة وتعزيز حضورها اقتصاديا والمساهمة برفع المستوى الاقتصادي للأسر وبالتالي تنمية المجتمع المحلي، لافتة إلى أن المنتجات الحرفية تدخل ضمن الصناعات الابداعية والتي بحسب دراسات عديدة علاوة على تجارب دول عربية وأجنبية، أصبحت تلعب دورا مهما في الدورة الاقتصادية.
وقالت رئيسة الاتحاد النسائي في محافظة جرش جليلة الصمادي إن اهم هدف من اهداف الاتحاد ومن خلال الجمعيات النسائية التعاونية والانتاجية هو التمكين الاقتصادي للمراة والذي يسهم بتحسين الوضع الاسري بشكل عام من ناحية التعليم والصحة والمشاركة في صنع القرار.
وبينت الصمادي أن الجمعيات النسائية تسهم بدمج قدرات الشباب والشابات مع السيدات اللاتي لديهن خبرات في الانتاج التراثي والحرف اليدوية والتقليدية ومنها المأكولات الشعبية والمنتجات الغذائية التراثية والمشغولات اليدوية والحرفية والتراث الفني بمختلف أشكاله.
وأشارت إلى أن الاتحاد سعى لمنح تراخيص للسيدات من خلال ممارسة مهن منزلية لتمكينهن اقتصاديا وإيجاد تشبيك مع المهرجانات وأهمهما مهرجان جرش للثقافة والفنون لتسويق منتجاتهن وذلك بالتعاون مع بلدية جرش الكبرى وادارة المهرجان حيث يتم منحهن مساحات لعرض منتجاتهن الغذائية والحرفية والتراثية والتقليدية.
ونوهت بأن مهرجان جرش يمثل نافذة للمنتجات التقليدية والتراثية وتسويق المنتج السياحي ويسهم بتعريف الزائر على ما تقدمه السيدات من منتجات تسهم بتعزيز الحركة السياحية وتسويق المنتج الاردني وتمكين المرأة الاردنية اقتصاديا.
بدوره، قال رئيس جمعية رواق جرش للثقافة والتراث رئيس لجنة تنظيم الحرف في شارع الاعمدة بمهرجان جرش احمد الصمادي إن الجمعية تعمل على تسويق المنتجات من خلال مشاركتها وأعضائها سواء في المعارض والفعاليات التي تنظمها امانة عمان الكبرى ووزارات السياحة والاثار والثقافة والتنمية الاجتماعية والصناعة والتجارة.
ولفت الصمادي إلى أن أعضاء الجمعية والجمعيات الاخرى ينتظرون بفارغ الصبر موعد إقامة مهرجان جرش كل عام لانه يمثل لهم موسما يدر على المنتجات والمنتجين للحرف التقليدية والتراثية والمشغولات والمنتجات الغذائية الشعبية والريفية عوائد اقتصادية تسهم بتمكين الاسر والمجتمعات المحلية.
وبين أن الجمعيات الإنتاجية تهدف بالدرجة الاولى إلى تمكين المرأة ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وما يتبع ذلك من مكتسبات أخرى تنعكس على شريحة الشباب والشابات وخصوصا العاطلين عن العمل ليكونوا منتجين وفاعلين في المجتمع .
ولفت إلى أن الزائر العربي والاجنبي لمهرجان جرش يرى بأم عينه تصنيع وتشكيل المنتج الحرفي والتراثي والتقليدي والمنتجات الغذائية والتراثية الريفية خطوة بخطوة مما يدفع الرغبة لديه بشرائها بغض النظر عن سعرها، علاوة على تسويق المنتجات والمشغولات والمنسوجات والتطريز والحرف التي تجسد مناظر طبيعية ومواقع أثرية وتراثية في الاردن وتسهم في تسويق الاردن سياحيا. وتحدثت رئيسة الاتحاد النسائي فرع محافظة مادبا ورئيسة جمعية فتيات بني حميدة لصناعة البسط فوزة العجالين، عن مشروع البسط (المفارش) في جبل بني حميدة والذي يهدف لتمكين السيدات اقتصاديا، حيث تنسج السيدات البسط في منازلهن، ما ساهم بتمكينهن اقتصاديا والمحافظة على أحد مفردات التراث الأردني.
ونوهت العجالين، بمشاركتها في الدورة السابقة الــ37 لمهرجان جرش للثقافة والفنون، حيث كانت تقوم بعرض وتقديم شرح لزوار المهرجان عن كيفية صناعة البسط من صوف الأغنام وتنظيفه وغزله وتلوينه، ومن خلال توظيف حرفة “الحتو” ليتحول البساط الى لوحة فنية رائعة.
وقال رئيس جمعية صناع الحرف التقليدية رائد البدري، إن الجمعية تأسست عام 2005، وهي الممثل الوطني في مجلس الحرف العالمي ومجلس آسيا، وتشارك في العديد من المهرجانات والفعاليات.
وأضاف أن الجمعية تمثل الأردن في العديد من الفعاليات التي تعنى بمجالها، من خلال الممارسين لمختلف الحرف التقليدية والمشغولات التراثية الأصيلة؛ ومنها الفسيفساء الحجري والنحاسيات وخشب الزيتون والمطرزات والخزف والفخاريات والكروشيه، وجميع أنواع الحرف التقليدية التي تنتج في الأردن من خامات طبيعية ومواد خام معادة التدوير، وهي منتجات تسوق سياحيا، بوصفها منتجات تحمل التراث والهوية الأردنية وتحاكي المواقع الأثرية والتاريخية في المملكة من لوحات فسيفساء حجري ومجسمات ورموز وطنية وتراثية أردنية.
وأكد البدري، أن هذه المنتجات والحرف تلقى رواجا ورغبة لدى السياح وزوار الأردن من خلال تواجدها في المعارض والمهرجانات المحلية والعالمية التي تعمل على تسويق الأردن بشكل كبير، مشيرا إلى أن الجمعية تعقد دورات تدريبية للعديد من الشباب والشابات في مجال الحرف التقليدية وصقلهم ليتمكنوا من امتلاك المهارات اللازمة لصناعة هذه الحرف من خلال العمل المنزلي أو مشاريع صغيرة أو مشاغل في جمعيات.
ولفت الى أن نسبة النساء والفتيات في الجمعية تصل إلى نحو 84 بالمئة من المشتغلين والمنتجين للحرف التقليدية والتراثية، مبينا أن الجمعية تعمل على توفير فرص لتسويق المنتجات التراثية والتقليدية من خلال المهرجانات والفعاليات المحلية المختلفة والتي من أبرزها مهرجان جرش للثقافة والفنون، وعلى امتداد 40 عاما من عمر دوراته.
وأكد أن مهرجان جرش يمثل العنوان التراثي السياحي الذي يستقطب عشرات الآلاف من الزوار والسياح، منوها بما يتيحه من فرصة رائعة لتواجد فضاء مهم لصناع الحرف والمنتجات التراثية والتقليدية التي تعبر عن التراث والهوية الأردنية، والتسويق والبيع المباشر لهذه المنتجات، ما ساهم بتمكين المنتجات والمنتجين وأسرهم اقتصاديا، وخلق فرص عمل والمساهمة في حل مشكلة البطالة.
وبين أنه بالتنسيق مع وزارة الثقافة وإدارة المهرجان وجهات أخرى، سيشارك في الدورة الـ38 الحالية من المهرجان عدد كبير من صناع المنتجات الحرفية والتقليدية والتراثية، ومنها المهباش اليدوي والنحت الخشبي والقشيات.
من جهته، اعتبر أستاذ الاقتصاد في جامعة مؤتة الباحث الدكتور احمد المجالي، أن مهرجان جرش الذي يقام سنويا يعد منصة استراتيجية لتمكين المرأة وتسويق الحرف اليدوية الأردنية، ووصفه بأنه واحد من أرقى وأعرق المهرجانات الثقافية والفنية في الأردن وعلى المستويين العربي والدولي، كونه يجسد مزيجاً من الثقافة والفن والتراث.
وقال إن المهرجان يجسد أهمية حقيقية تتجاوز الترفيه لتصل إلى تمكين المجتمعات المحلية اقتصاديا وتسويق المنتجات الحرفية اليدوية والتراثية سياحيا، بما يسهم في تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة.
وفي إطار السعي نحو تعزيز دور المرأة في المجتمع الأردني، أشار إلى أن المهرجان يلعب دوراً محورياً في تمكين المرأة اقتصادياً، إذ يوفر لمنتجات الحرف والمشغولات اليدوية والتراثية والتقليدية والغذائية منصة مثالية لعرض وبيع منتجاتهن المتميزة، ومنها التطريز التقليدي، وأعمال الفخار والزجاج، والمشغولات الفنية، والمطابخ الإنتاجية، وغيرها والتي تمثل فرصة حقيقية وخطوة استراتيجية نحو تحقيق الاستقلال المالي للنساء وتطوير مهاراتهن الحرفية وزيادة المشاركة الاقتصادية لهن في سوق العمل، في ضوء ارتفاع معدلات البطالة للإناث وانخفاض مشاركتهن في الدورة الاقتصادية.
كما تسهم مشاركة المرأة عبر المساحة التي يتيحها المهرجان لعرض منتجاتها، بالتخفيف من حدة الفقر الذي تعيشه الكثير من الأسر ضمن المجتمعات المحلية، وخصوصا محافظة جرش ومناطقها والمحافظات المجاورة الأخرى.
وأكد أن المنتجات الحرفية واليدوية تعلب دوراً بارزاً في تعزيز صورة الأردن كوجهة سياحية ثقافية مميزة، بحيث أنها تعكس التراث الثقافي الأردني الأصيل، وتعد سفيرة للأردن في أيدي السياح الذين يأخذونها معهم إلى بلدانهم.
وقال المجالي، إن العديد من الدول تعتمد على المهرجانات كوسيلة فعالة لتمكين المشاريع المتناهية الصغر وتسويق المنتجات الحرفية، ومنها مهرجان سوراجكوند في الهند، ومهرجان إدنبرة للفنون في اسكتلندا، ومهرجان قرطاج الدولي في تونس، والتي تعتبر منصات مهمة لترويج الحرف والمنتجات التقليدية والتراثية.
وأوضح أن الآثار الاقتصادية للمهرجان تتجلى من خلال تمكين المشاريع الحرفية الصغيرة للمرأة في جوانب متعددة، فمن جهة الآثار المباشرة، تشمل تحقيق مكاسب ربحية من خلال بيع المنتجات مباشرة للزوار والسياح، أما الآثار غير المباشرة، فهي أعمق وأشمل، حيث تسهم في تنشيط سلاسل القيمة المتعلقة بالمنتجات الحرفية، إذ يتطلب إنتاج هذه المنتجات تشغيل قطاعات أخرى مثل النقل، والتسويق، وتوريد المواد الأولية، ما يسهم في تحريك عجلة الاقتصاد بشكل أوسع.
ولفت إلى أن المهرجان يشكل تجسيداً حقيقياً للكيفية التي يمكن بها للفعاليات الثقافية أن تلعب دوراً محورياً في تمكين المرأة وتعزيز الاقتصاد المحلي، من خلال تقديم منصة لصناع الحرف والمنتجات التقليدية والتراثية وغيرها وعرضها وتسويقها، كما يسهم بتعزيز الهوية الثقافية الأردنية وجذب السياح من مختلف أنحاء العالم.
وختم “بأن دعم المشاريع المتناهية الصغر والحرف اليدوية من خلال المهرجان لا يعزز فقط من مكانة الأردن السياحية، بل يسهم كذلك في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة”.