29 آب- تحت رعاية سمو الأمير الحسن بن طلال رئيس المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا، أطلقت وزارة الصحة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية تقرير دراسة مبررات الاستثمار في الوقاية من حالات الصحة النفسية وإدارتها في الأردن، بحضور وزراء الصحة الدكتور فراس الهواري، والتربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عزمي محافظة، والتنمية الاجتماعية وفاء بني مصطفى، والاستثمار خلود السقاف، والتخطيط والتعاون الدولي زينة طوقان.
وأنجزت الدراسة، التي تسلّط الضوء على الحاجة الملحّة لزيادة الاستثمار والعمل الاستراتيجي في مجال الصحة النفسية، من قبل كوار وزارة الصحة، وبالتعاون مع منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي الأردن وفريق العمل المشترك بين الوكالات التابع للأمم المتحدة للوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها (UNIATF).
وخلال مشاركة سموه في جلسة حوارية لمناقشة توصيات الدراسة والخطوات التالية ودور الجهات الشريكة، أكد سموه ضرورة ايجاد مركز إقليمي للصحة النفسية للوقاية من الأزمات خصوصاً في المناطق المعرضة للأزمات بأنواعها.
وفيما يتعلق بالحرب على غزة، أشار سموه إلى أهمية إيجاد مركز لرعاية ضحايا الحرب خصوصا وأن الحرب أدت إلى صدمات نفسية متوارثة بين الأجيال.
وأوضح سموه أنه خلال الأزمات سواء تلك المتعلقة بالحروب أو الكوارث الطبيعية أو من صنع الانسان لا بد من إعطاء الصحة النفسية أولوية ملحة لصون الانسان وكرامته.
وقال، “صارت الحاجة إلى الاستثمار في تنمية رأس المال البشري أكثر إلحاحا من أي وقت مضى لتحويل المواطنين من تابعين إلى مشاركين في صنع القرار”، لافتا سموه إلى أنه لقياس التقدم نحو الرعاية الصحية النفسية والمتكاملة والمنصفة والمتاحة للجميع لا بد من إلزام الجهات المعنية ومساءلتها وتمكين الأفراد والمجتمعات والوصول إلى خدمات الصحة النفسية.
وبين ضرورة الإنفاق لتطوير حالة الانسان وتمكينه من خلال الاعتماد على فهرس للحرمان المتعدد وذلك لمعرفة اوجه العوز والحرمان لدى الافراد سواء كانت متعلقة بالصحة أو التعليم أو نوعية الحياة.
من جانبه، أشار الهواري إلى الأعباء الاقتصادية للعلاج النفسي، مبينا أن تكلفة هذا المرض على الاقتصاد العالمي قدرت بنحو 2.5 تريليون دولار عام 2010 وفقا للمنتدى الاقتصادي العالمي، ومن المتوقع أن يزيد هذا المبلغ إلى 6 تريليونات دولار سنويا بحلول عام 2030، وتتحمل البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل ما نسبته 54 بالمئة من العبء الاقتصادي الناجم عن المرض.
وبين الهواري أن تكلفة هذا المرض على الأردن وفقا لدراسة مبررات الاستثمار في الصحة النفسية التي تم اطلاقها اليوم، بلغت نحو (252 مليون دينار) عام 2023 وحده، ويشمل ذلك 53 مليون دينار في الإنفاق المباشر على الرعاية الصحية، ونحو 199 مليون دينار كنفقات غير مباشرة تتمثل بفاقد الإنتاجية بسبب الوفيات المبكرة والإعاقة وانخفاض الإنتاجية في مكان العمل.
وأوضح أنه “بالرغم من هذه التحديات، تواصل وزارة الصحة بالشراكة مع سائر القطاعات الصحية الحكومية والعسكرية والخاصة وبالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، جهودها الرامية إلى تعزيز ورفع كفاءة النظام الوطني للصحة النفسية، والتي تشمل مجموعة من المبادرات والبرامج التي تهدف إلى تحسين وتوسيع نطاق الخدمات المقدمة وإتاحة الوصول إليها، خاصة أننا نسعى لتحقيق التغطية الصحية الشاملة للجميع بمن فيهم الأشخاص الذين يعانون حالات الصحة النفسية”.
من جهتها، قالت ممثل منظمة الصحة العالمية في الأردن الدكتورة جميلة الراعبي، إن تواجد كافّة الشركاء يعدّ انطلاقة حقيقيّة في جهود دمج خدمات الصحة النفسية في الرعاية الصحيّة الأوّلية، وللعمل معاً ليتمكن كل شخص من الوصول والحصول على رعاية صحية عالية الجودة وبأسعار معقولة.
وأوضحت ان هناك فرصة حقيقية لنبذ الوصم والتمييز حول أمراض واضطرابات الصحة النفسية.
بدورها، قالت الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة في الأردن رندة أبو الحُسن، إنّ أهداف هذا التقرير تتماشى مع التزام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في دعم جهود الحكومة الأردنية نحو تشجيع الاستثمار في تطوير البنية التحتية والخدمات العلاجية وتطوير منتجات تأمينية مبتكرة من أجل الارتقاء بمستوى الصحة النفسية لتسريع وتيرة التنمية الاجتماعية والاقتصادية في الأردن.
وأكدت أبو الحُسن أهمية المبادرة التي تمثل نقلة نوعية في آلية تعزيز دور القطاع الخاص وقطاع التأمين في دعم وتطوير الصحة النفسية في الأردن من خلال توفير التمويل والأدوات الازمة لرفع جودة الخدمات المقدمة وتوسيع نطاقها بحيث تصبح متاحة للجميع.
وكشف التقرير عن العبء الاقتصادي الذي تفرضه اضطرابات الصحة النفسية على الأردن، وقدم التقرير تقييماً شاملاً للمشهد الحالي للصحة النفسية في الأردن، مفصلاً التحديات والفرص المتاحة لتطوير النظام.
ويركز التقرير بشكل أساس على 6 حالات نفسية، هي: الذهان، واضطراب ثنائي القطب، والاكتئاب، واضطرابات القلق، والصرع، واضطرابات تعاطي الكحول.
واوصى التقرير إلى تعزيز تنفيذ واعتماد الممارسات والقوانين القائمة في إطار السياسات الأردنية، وانشاء وتعزيز الرصد والمراقبة لتقدير انتشار حالات الصحة النفسية، وتتبع نتائج المرضى وإدراك اجمالي الإنفاق على الصحة النفسية، والتخصيص المباشر لميزانيات الصحة النفسية لمراكز الرعاية الصحية الأولية، والاستثمار في تدخلات الصحة النفسية السريرية والسكانية القائمة على الأدلة والفعالة من حيث التكلفة، وزيادة الوعي حول حالات الصحة النفسية في المجتمعات للحد من الوصم والتأكد من أن الأفراد الذين يحتاجون إلى المساعدة يمكنهم الوصول إليها دون خوف أو تمييز.