الإثنين 30-9-2024 :
عواصم -قالت إسرائيل إنها قصفت أهدافا تابعة لجماعة الحوثي اليمنية الأحد، لتوسع بذلك نطاق مواجهتها مع حلفاء إيران في المنطقة بعد اغتيالها الأمين العام لجماعة حزب الله اللبنانية حسن نصر الله الجمعة في صراع متصاعد في لبنان.
وأضافت إسرائيل أن الضربات الجوية على ميناء الحديدة اليمني جاءت ردا على الهجمات الصاروخية التي شنها الحوثيون على إسرائيل في الأيام القليلة الماضية، وسط مخاوف من خروج القتال في الشرق الأوسط عن نطاق السيطرة وانجرار إيران والولايات المتحدة إليه.
وقالت وزارة الصحة التابعة لجماعة الحوثي إن أربعة على الأقل قتلوا وأصيب 29 آخرون.
جاءت الضربات على اليمن في الوقت الذي وجهت فيه إسرائيل مزيدا من الضربات لأهداف في لبنان، حيث أدى قصفها المكثف على مدى أسبوعين إلى استشهاد عدد من كبار قادة حزب الله ونزوح مئات الآلاف من السكان.
وقالت وزارة الصحة اللبنانية إن الضربات الإسرائيلية الأحد، أسفرت عن استشهاد ما لا يقل عن 105 أشخاص، من بينهم 32 في عين الدلب في الجنوب و33 في بعلبك الهرمل في الشمال الشرقي. وأضافت أن 14 مسعفا استشهدوا في الضربات الجوية على مدى اليومين الماضيين.
وتعهدت إسرائيل الأحد بمواصلة الهجوم.
وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسلي هاليفي “لقد فقد حزب الله رأسه، وينبغي لنا مواصلة ضربه بقوة”.
وهزت انفجارات ضخمة بيروت بسبب الغارات الجوية، فيما سُمع أزيز الطائرات المسيّرة الإسرائيلية وهي تحلق فوق العاصمة اللبنانية خلال الليل وأوقات كثيرة من نهار الأحد.
ويتبادل حزب الله وإسرائيل إطلاق النار عبر الحدود منذ انطلاق الحرب في غزة التي اندلعت بعد عملية “طوفان الأقصى” على بلدات إسرائيلية في السابع من تشرين الأول.
وشنّ الحوثيون هجمات على إسرائيل طوال تلك الفترة وعطلوا حركة الملاحة في البحر الأحمر.
وكثّفت إسرائيل هجماتها على حزب الله منذ أسبوعين وقالت إن الهدف من هذه الهجمات هو تأمين عودة السكان إلى المناطق الشمالية، مما أدى إلى استشهاد عدد كبير من قادة الجماعة. ويناقش وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت حاليا توسيع الحملة العسكرية في لبنان.
وبعد اغتيال نصر الله في ضربة جوية ضخمة على بيروت الجمعة، أطلق حزب الله زخات جديدة من الصواريخ على إسرائيل بينما توعدت إيران بالثأر.
وشددت الولايات المتحدة على ضرورة التوصل إلى حل دبلوماسي للصراع في لبنان، لكنها وجهت الجيش كذلك بتعزيز وجوده في الشرق الأوسط في إشارة إلى تزايد القلق.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه ينبغي تجنب حرب شاملة في الشرق الأوسط مضيفا أنه سيتحدث إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لكنه لم يحدد موعدا.
وفي مقابلة مع شبكة (إن.بي.سي)، قال مارك كيلي رئيس لجنة الشؤون الجوية الفرعية التابعة للجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ إن القنبلة التي استخدمتها إسرائيل في اغتيال نصر الله كانت قنبلة موجهة أميركية الصنع تزن 900 كيلوغرام.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي إن إسرائيل لن يكون بوسعها إعادة سكانها بأمان إلى منازلهم في مناطقها الشمالية من خلال شن حرب شاملة مع حزب الله أو إيران.
وأضاف كيربي “نعتقد أن المسار الدبلوماسي هو الصحيح”.
وفي إيران التي ساهمت في تأسيس حزب الله في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، نعى كبار القادة اغتيال مسؤول كبير في الحرس الثوري في ذات ضربة نصر الله، كما دعت طهران إلى عقد اجتماع في مجلس الأمن الدولي بشأن أفعال إسرائيل.
وقالت مصادر لرويترز إن الزعيم الأعلى الإيراني علي خامنئي نُقل لموقع آمن في إيران بعد اغتيال نصر الله.
اغتيال نصر الله
قال مصدر طبي وآخر أمني لرويترز الأحد، إن جثة نصر الله انتُشلت سليمة من موقع الضربة التي نفذتها إسرائيل الجمعة. ولم يذكر حزب الله موعد تشييع جنازته.
ولم يحول نصر الله جماعة حزب الله إلى قوة نافذة في لبنان فحسب على مدى 32 عاما تولى فيها زعامة الجماعة بل ساهم أيضا في تحويلها إلى أقوى جماعة من شبكة متحالفة مع إيران في العالم العربي.
ونعى نصر الله الأحد، أنصار للجماعة ولبنانيون آخرون أشادوا بموقفها في قتال إسرائيل، التي اجتاحت جنوب لبنان لسنوات.
وقالت صوفيا، وهي مسيحية لبنانية بينما ترفع راية سوداء، “فقدنا القائد الذي منحنا كلنا القوة والإيمان بأننا يمكن أن نحول الدولة الصغيرة التي نحب إلى جنة”.
وقالت وزارة الصحة اللبنانية إن أكثر من ألف لبناني استشهدوا وأُصيب ستة آلاف على مدى الأسبوعين الماضيين، دون أن تحدد عدد المدنيين من بينهم. وقالت الحكومة إن قرابة مليون، بما يعادل خُمس السكان، فروا من منازلهم.
وفي بيروت، قضت أُسر نازحة الليل على مقاعد في منطقة خليج زيتونة التي تضم عددا من المطاعم والمقاهي الراقية التي تطل على البحر في العاصمة بيروت.
وفي صباح الأحد، فردت أسر ليس لديها سوى حقائب بالية من الملابس بعض الحاشيات للنوم وجلست لاحتساء الشاي.
وقالت فرانسواز عازوري، وهي من سكان بيروت، “لن تتمكنوا من تدميرنا مهما فعلتم ومهما قصفتم ومهما دفعتم الناس للنزوح. سنظل هنا ولن نرحل.. هذه بلادنا وسنبقى فيها”.
وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في بيان الأحد، إنه أطلق عملية طارئة لتقديم الطعام لما يصل إلى مليون متضرر من الصراع في لبنان.
تحركات عسكرية
قال الجيش الإسرائيلي الأحد، إن القوات الجوية ضربت عشرات الأهداف في لبنان بما يشمل منصات إطلاق ومستودعات أسلحة، في حين ذكرت القوات البحرية الإسرائيلية أنها اعترضت ثمانية مقذوفات جاءت من لبنان ومقذوفا من ناحية البحر الأحمر.
وذكر الجيش أن عشرات الطائرات الإسرائيلية، من بينها طائرات مقاتلة، هاجمت محطات لتوليد الكهرباء وميناء بحريا في رأس عيسى وميناء الحديدة، متهما الحوثيين بالعمل “بتوجيه وتمويل من إيران” وبالتعاون مع فصائل عراقية.
وقال غالانت “رسالتنا واضحة: بالنسبة لنا، لا يوجد مكان بعيد عنا”.
ومثل اغتيال نصر الله ذروة الأحداث في أسبوعين عصيبين لحزب الله بدأت بتفجير آلاف من أجهزة الاتصال اللاسلكية التي يستخدمها أعضاؤه. ويُعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل هي من نفذت تلك التفجيرات لكنها لم تنف ضلوعها فيها أو تؤكده.
وترسانة حزب الله محور خلاف ونقطة حساسة في المشهد اللبناني منذ زمن في بلد شهد من قبل حربا أهلية.
ويقول معارضون ومنتقدون لحزب الله إن الجماعة جرّت منفردة البلاد لصراعات وقللت من شأن الدولة.
وقال بطريرك الموارنة في لبنان بشارة بطرس الراعي، وهو أكبر رجل دين مسيحي في البلاد، في كلمة خلال قداس إن اغتيال إسرائيل للأمين العام لجماعة حزب الله “جاء… ليفتح جرحا في قلب اللبنانيين”.
ووجه الراعي من قبل انتقادات لحزب الله واتهمه بجر لبنان للصراعات في المنطقة.