28 نيسان
في ظل الانتعاش السياحي الذي تشهده مدينة البترا الأثرية، برزت “القرية الثقافية النبطية” كأحد أبرز المشاريع السياحية والتنموية الجديدة التي أسهمت في تحفيز الحركة السياحية والاقتصادية في المدينة، لا سيما بعد التراجع الذي شهدته المنطقة في خلال الفترة الماضية نتيجة للأوضاع الإقليمية.
وقد شهدت القرية الثقافية مع بداية تعافي قطاع السياحة في البترا، إقبالاً لافتًا من السياح الأجانب والعرب، ما أسهم في تحريك عجلة الاقتصاد المحلي من خلال تشغيل عدد من الجمعيات والأفراد من أبناء المجتمع المحلي، بدعم من سلطة إقليم البترا التنموي السياحي، التي خصصت لهم مساحات داخل القرية لعرض منتجاتهم وتجاربهم الثقافية والتراثية، في إطار خطة شاملة تهدف إلى تطوير القطاع السياحي في الإقليم، وتعزيز تجربة السائح وإطالة مدة إقامته.
ويخوض الزائر للقرية تجربة ثقافية متكاملة تنقله إلى أجواء الحياة النبطية القديمة، حيث يجلس داخل بيوت الشعر البدوية التقليدية، ويتعرف على العادات والتقاليد الأصيلة لأهل المنطقة، بما في ذلك طرق إعداد القهوة العربية، وحياكة السجاد البدوي، والأزياء النبطية، والمأكولات الشعبية، إضافة إلى عروض موسيقية ورقصات تراثية حية. وتُعد هذه التجربة محطة مميزة للزائر قبل استكمال رحلته إلى مركز زوار البترا.
رئيس مجلس مفوضي سلطة إقليم البترا، الدكتور فارس البريزات، أكد التزام السلطة المستمر بتطوير البنية التحتية والخدمات السياحية في المدينة، مشيرًا إلى أن مشروع القرية الثقافية النبطية يمثل نموذجًا فاعلًا للتنمية المستدامة، التي تراعي إشراك المجتمع المحلي في العملية السياحية.
وقال البريزات إن المشروع يضم 81 كشكًا تجاريًا، تم تخصيص غالبيتها لجمعيات المجتمع المحلي وأفراد من سكان المنطقة، بهدف تمكينهم اقتصاديًا وتوفير فرص عمل جديدة، إلى جانب توفير مطاعم ومساحات للعرض الثقافي والمشاريع التفاعلية، بالإضافة إلى توفير مسرح للحفلات الفنية.
ومن أبرز المشاريع الثقافية داخل القرية، مشروع “إعادة تجسيد الحياة النبطية” الذي تشرف عليه جمعية “عاصمة الأنباط”، ويُقدم عروضًا تفاعلية تجسد نمط الحياة النبطية من خلال مشاهد تمثيلية حية، إلى جانب “مشروع بيت الشعر البدوي” الذي يُدار من قبل جميعة العمارين, ويُبرز الحياة اليومية البدوية بكل تفاصيلها، ويعبر عن ثقافة البدو المُدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي الإنساني غير المادي منذ عام 2008 ، كما عملت السلطة على توفير البيت البدوي في خمس تجمعات سكانية أخرى في البترا.
وتشهد البترا في الآونة الأخيرة مؤشرات إيجابية لتعافي قطاع السياحة، حيث عاد الزوار من مختلف الجنسيات، خصوصًا من أوروبا وأمريكا، مما يبعث الأمل في استمرار الانتعاش رغم التحديات الإقليمية، وعلى رأسها الحرب في غزة وتداعياتها على حركة السياحة في المنطقة.
ويُعد مشروع القرية الثقافية خطوة متقدمة في مسيرة تطوير المنتج السياحي في البترا، وتحويل المدينة من مجرد موقع أثري إلى وجهة متكاملة تقدم تجارب سياحية متنوعة، وتُعزز من فرص التنمية المحلية عبر تمكين المجتمعات المحيطة.