في الماضي كان القصر عامرا ومقرا للحكم، لكنه اليوم أصبح كعجوز يصارع البقاء على قيد الحياة. إنه قصر سيئون أو الحصن القديم أو قصر الكثيري، الواقع في محافظة حضرموت اليمنية.
فقصر قصر سيئون أو الحصن القديم هو واحد من التحف المعمارية باليمن، وأكبر المباني المبنية من الطين في العالم، تم بنائه قبل 500 عام.
قصر الحكم
وكان سيئون قصر الحكم لسلاطين الدولة “الكثيرية” التي حكمت وادي حضرموت لفترة طويلة من الزمن، حيث اتخذه السلطان بدر أبو طويرق مقرا لإقامته في العام 1516، بعد أن جدد عمارته وبنى بجانبه مسجدا، ومن حينها أصبحت مدينة سيئون عاصمة للدولة الكثيرية وعاصمة للوادي ككل.
وفي 1857، قام السلطان غالب بن محسن الكثيري بتجديد بناء القصر، ثم أكمله ابنه المنصور بن غالب الكثيري، وبعدها قام علي بن منصور الكثيري بإتمام العمارة بالشكل الذي نراه اليوم، وكان الانتهاء من ذلك في العام 1936.
قيمة تاريخية
ويتوسط القصر مدينة سيئون ويعرف بلونه الأبيض بأقواسه وزخارفه، ويتألف المبنى الطيني من 7 طوابق، ويعتبر من بين الأكبر في العالم، وتحتفظ واجهته برونقها الأصلي.
ويضم المتحف شواهد قبور تعود إلى العصور الحجرية وتماثيل تعود إلى العصور البرونزية ومخطوطات تاريخية قديمة، وطبعت صورة قصر سيئون على ورقة الألف ريال اليمني نظرا لأهميته التاريخية.
خطر داهم
والعام الماضي، تعرض القصر لخطر الانهيار بعد سنوات من الإهمال والأضرار الناجمة عن الأمطار، والتي أثرت على السطح وفي الجدران وبعض الأسقف، وهو في حاجة إلى الصيانة المستمرة كونه مبنياً من الطين.
المدير العام للهيئة العامة للآثار والمتاحف في حضرموت حسين العيدروس، يقول إن قصر سيئون هو من أجمل القصور الموجودة في اليمن، كما أنه من أبرز المعالم الطينية في العالم، وتصميماته رائعة، وهو في حاجة إلى عناية دائمة.
وأضاف العيدروس لموقع “سكاي نيوز عربية” “الأضرار الناجمة عن التغيرات المناخية وتحديداً الأمطار، التي تعرض لها وادي حضرموت في العام الماضي، كان لها الأثر البالغ في الضرر، ولو استمرت دون تدخل لكانت كارثة كبرى ستحل بهذا المبنى العريق، ولكن كان الوعي سيد الموقف، وهكذا استطعنا تجاوز المحنة، ومازلنا نسعى لتأمين المبنى من جميع الجوانب، حتى لا نضطر مستقبلاً لقول كلمة (ياليت) بعد فوات الأوان”.
وكشف عن أن القصر تجاوز مرحلة الخطر بعد الأمطار التي تعرض لها العام الماضي، وكادت تؤثر عليه بشكل كبير، حيث تجاوبت السلطة المحلية مع ما تعرضت له القصر، ووضعت خطة لمعالجة آثار الأمطار، وقد تم تنفيذ معظمها، وأوشك الانتهاء من الأعمال الترميم خلال أيام.
وأشار إلى أن مدينة سيئون تنعم بالأمن والاستقرار ولم تنجر كغيرها في الحرب التي مازالت تعصف باليمن.
تغيرات مناخية
وتسببت الظروف المناخية القاسية في إلحاق الضرر بالمنازل المبنية من الطوب اللبن في مدينة شبام القديمة التي ترجع إلى القرن السادس عشر، وتُعرف باسم “مانهاتن الصحراء”، وهي أحد مواقع التراث العالمي في تصنيف منظمة اليونسكو.
وانهارت عدة أبراج مدرجة في قائمة اليونسكو تعود إلى ما قبل القرن الحادي عشر في مدينة صنعاء القديمة، نتيجة الفيضانات.
وقالت اليونسكو، في أغسطس الماضي، إنها تحشد الأموال والخبرات لحماية التراث الثقافي الفريد لليمن، وهو الأمر الذي وصفته بأنه “شهادة على الإبداع البشري والقدرة على التكيف مع المناظر الطبيعية والظروف البيئية المتنوعة في البلاد”.